............................ فصل ثانى


الفصل الثانى
الثورات العربية بين المطالب المشروعة .. والمؤامرات

الوفد 6 سبتمبر 2002
هل نحن أمة مرشحة للزوال؟
كان لهذا التساؤل شديد الوقع علي نفسي، ولولا إيماني بأننا خير أمة أخرجت للناس لكنت الآن قانعًا بهذه الرؤية شديدة الكآبة.
فثمة علامات تبدي صدقاً للقول وتدلل علي خوف المواطن العربي من خطر الإبادة الجماعية، فخليجنا العربى يمتلىء بأقدم الأساطيل والبوارج وحاملات الطائرات الأمريكية، بينما محيطنا الخائر واقع تحت برزخ التغريب والإرهاب .. والإرهاب المضاد وأما وسط أمتنا فهو الآخر لاحق بهم بلاء حيث يعيش أسوأ مراحل حضارته المهددة بالانقراض أو الانفجار - أيهما - تحت وطأة ثالوث الفساد والفقر والتبعية.
بينما والمشاهد الثلاثة السابقة ترسم ملامح وطننا العربي يظل هاجس الرعب النووي الصهيوني هو الهاجس الأخطر .. حيث لا يترك عسكريو هذا الكيان فرصة للتذكير بأن جميع العواصم العربية واقعة تحت رحمة صواريخهم النووية.
انني أري (جنكيز خان) القرن الحادي والعشرين .. مرتيًا ملابس الكاوبوي ملوحًا من فوق جواده لشعوبنا - كل شعوبنا - طالبًا منا الاستسلام والتسليم حتي نلقي حتفنا في دورات مياهنا وإلا سيقوم بشينا في نار جهنم التي صنعها.
والمدهش انه رغم عدم حدوث أية مقاومة له إلا أنه يري أن يذبحنا ونحن مسلوبو شرف لمقاومة فارضًا علينا خيارين، الموت جبنًا وعهرًا وقتلاً بالخوف والرصاص أحيانًا أو الموت شيًا بنيرانه النووية .. والنهاية في الخيارين واحدة وهي: الموت!!
ويبدأ الكاوبوي حملته الإبادية الفاشية بالعراق الشقيق المناضل كحلقة أولي في سلسلة لم يخجل من كشف سترها لتشمل معظم الأقطار العربية حتي ما كان منها حليفًا له.
وحال الكاوبوي في ذلك كمن يقول ساعدوني في ذبح العراق وبيعها سوف انظر في شأن الحليف المخلص لي منكم وأجعله في مرحلة بعيدة من مراحل الذبح .. ولكنني لن استثنيه أبدًا.
قلت لنفسي إن الفرق كبير بين خطر اليوم وخطر الأمس .. وبين تتار اليوم وتتار الأمس وجهًا لوجه .. أما تتار اليوم فلا عين تراهم وهم يمتطون العلم لمحو الحضارة ويستخدمون المجهول لمحو كل معلوم .. يحلقون في الفضاء البعيد لمحو الأرض ومن عليها سواهم .. ولكنهم لا يمتلكون الشجاعة لكي يواجهوا تتار الأمس الفرد يقتل فردًا، أما تتار اليوم فالفرد يقتل جيلاً كاملاً وربما أمة .. خاصة لو كانت هذه الأمة راقدة علي فراش الاحتضار.
******
الوفد 19 ابريل 2003
نحو آلية جديدة للنضال .. عقب النكسة الكبري
كاد العقد ينفرط .. أو ربما انفرط فعلاً .. لكن الحلم مازال باقيًا في النفوس وربما ازداد ترسخًا عن ذي قبل وازددنا الحاجة الماسة إليه.
والجرح الغائر لم يكن ذلك الجرح النازف من آلاف الشهداء ولا دمهم الذي مازال ساخنًا في المشهدالحسيني في كربلاء العراق .. ولكن كان أشد نزفًا في نفوس الملايين من المحيط إلي الخليج من جماهير الشعب العربي التي ارتأت في شخص الرئيس العراقي صدام حسين بطلاً خرج وياللمصادفة من نفس المدينة التي أنجبت صلاح الدين ليذود عن كرامة واستقلال شعبه!! تعلقت الجماهير به بعدما استطاع أن يقول: "لا" لأمريكا وإمبرياليتها وأذنابها وهو الأمر الذي طالما نادت به الشعوب.
لقد أيقظ العدوان الوحشي علي العراق من قبل الغرب بزعامة الولايات المتحدة والصمود العراقي البطل طيلة عشرين يومًا ..بصيص الكرامة والأمل من جديد في أوردة الأمة وأشعرها بأنها مازالت رقمًا فاعلاً في منظومة الكون..وأننا لسنا ذبابًا تنجح أمريكا أو إسرائيل دائمًا في قتله برشة واحدة من أي مبيد حشري.
وللحقيقة..فرغم مرارة النكسة التي يتجرعها الناس بعدما فقدوا الكاريزما المناضلة التي تعلقوا بها،إلا أن ثمة نصرًا حقيقيًا نستطيع تلمسه يطل علينا من بين الركام،وهذا النصر المعرفي له عدة أركان أولها:أوضحت بشكل جلي أن أية حركة قومية تحررية لا يمكن أن تنجح إن لم تكن القاهرة بؤرة ارتكازها أو أحد أركانها علي أقل تقدير.وذلك انطلاقًا من فهم نابليوني قديم أشار فيه إلي أن من أراد السيطرة علي الشرق فليسيطر علي القاهرة.
ثانيها: انهيار كافة الاستراتيجيات الخاصة بالردع بغير القوة .. بل إن القوة في حد ذاتها وسيلة ناجحة لإكراه الناس علي الإيمان بما يكرهونه كما يقول مكيافيللي.
ثالثها: فشل نظريات وتكتيكات الدعاية الإعلامية الخاصة بتسطيح الشعوب .. حيث لم تنجح كافة الوسائل الإعلامية بإقناعها بشرعية العدوان علي العراق.
رابعها: يجب علي القوي القومية العربية العمل بشكل أكبر لنيل دعم الحكومات العريبة حتي لو قدمت لها بعض التنازلات الأساسية .. وذلك لأن دعم الشعوب وحده يساوي صفرًا في مجمل النتيجة الميدانية.
وفي هذه النقطة الأخيرة يلاحظ أن الحكومة العراقية قد تنبهت إليها قبيل العدوان بأعوام وتقريبًا منذ عام 1998 عقب عملية عاصفة الصحراء .. ودأبت في إطار ذلك بتقريب فجوة خلافها مع النظم العربية الموالية لأمريكا .. وإن كانت تلك النظم غير صادقة في تقاربها معها.ورغم ذلك فهناك تساؤل نطرحه: كيف نتعامل مع النكسة الكبري؟هناك عدة محاور أيضًا للتعامل مع مستجدات النكسة؟
أولها: عدم ترك العدو يهنأ باستعمار العراق مطلقًا بل من الممكن تحويلها إلي جراح نازف في وجدانه باستمرار.
ثانيها: اعتماد وسائل متطورة للضغط علي الحكومات العربية كي تتخذ مواقف منسجمة مع المصلحة القومية ويتأتي ذلك عبر الوسائل المشروعة مثل الاعتصامات والاحتجاجات وتوالي الدعاوي القضائية ضد المصالح الأمريكية في البلدان العربية وتوعية الرأي العام العربي بأهداف التصرفات غير المحسوبة لبعض الحكومات والتي تصب في مصلحة الاستعمار.
ثالثها:التذكير بأن القدرة العراقية كدولة من دول العالم الثالث استطاعت عبر 20 يوماً مكافحة الغول الأمريكي ليس هو فقط بل ومعه أعتي قوي الكون بريطانيا وإسرائيل وأسبانيا واستراليا وهولندا بالإضافة لتآمر عربي..أي دعم رؤية سقوط الغول الأمريكي.
رابعها: الدعوة إلي تحقيق الوحدة العربية عبر وضع برامج حقيقية تعبر عن خطوات ممكنة تتلافي حدود نوعية النظم العريبة سواء كانت ملكية أو جمهورية وسواء كانت اشتراكية أو رأسمالية وذلك عبر نظام كونفيدرالي، ويجب الإشارة هنا إلي أهمية احتفاظ كل إقليم بخصائصه من فقر وغنى وبرلمان ومكتسبات الإدارة الحاكمة وذلك كمرحلة أولية إلي جانب توضيح المكاسب العائدة لكل قطر سواء أكان أمنيًا أو اقتصاديًا.
ونقول لقد خسرت القومية العربية معركتها الثانية فى بغداد .. بعدما خسرتها عام 1967 في القاهرة .. ولكن مواقع الحرب متعددة، التواريخ والميادين والحرب لم تنته بعد .. طالما بقي هناك فى أي قرية عربية نائية مواطن عربي يقول: لا.
******
الوفد 30 ابريل 2003
حتي نستشعر الصدمة .. مبكرًا!!
مازال جسد الأمة العريبة في حالة خدر .. ومع تعاظم حجم قسوة العملية الاستئصالية التي تعرضت لها الأمة ستطول عملية الخدر تلك .. حيث تمتد شهور طويلة أو ربما سنوات ..ولكن مهما طال الوقت فلابد لمفعول المخدر أن ينتهي .. وذلك لأنه لا يمكن ترحيل الشعور بألم الجراحة الميتة إلي مالا نهاية .. ولابد كذلك من مواجهة الصراخ والارتجاف في وقت ما .. وللحقيقة .. لا يمكن التنبؤ بحجم وهج النار الراقد خلف حالة الهدوء تلك .. ولا بوجهة انطلاقها أو مصدرها أيضًا .. وذلك لأن الجزء الذي تم استئصاله هو اليد اليمني من الجسد .. أو القلب أو المعدة .. حيث لا توجد بدائل حقيقية ولا يمكن التعايش بدونه، ومكمن الخطورة أن العراق – والذي تم استئصاله – سيتحول من يد داعمة للحق القومي العربي إلي يد باطشة به .. رغم ضعف الواقع القومي العربي الشديد وكثرة أعدائه.
إن المستقبل يحمل في طياته علامات استفهام خطيرة .. بعدما فرض علي القومية العربية قسرًا قبول كسر جناح من أجنحتها .. وتحويلها إلي مجرد أمنية في نفوس الناس ليس لها واقع ملموس علي موائد المباحثات.
لكنه في منحي يبعث علي الأمل يقول سقراط الفيلسوف اليوناني "إن الضربة التي لا تقتلني تقويني" .. وطالما الأمة العربية لم تمت بعد .. وطالما بقي في الوريد دم .. فإن إمكانية الحياة تظل قائمة ويعد من السابق لأوانه إعلان الوفاة.
التاريخ فيه كثير من العبر .. فإذا كانت قد انهرمت قوات صدام حسين بسبب ما يشاع عن استخدام الأنجلوأمريكان للقنابل النيترونية والتي تحرق الناس وتجعلها تتبخر والتي تعادل في آثارها الميدانية القنابل النووية وما ترتب علي ذلك من سقوط سريع لعاصمة الرشيد .. بعدما أصاب الفزع العراقيين من هول ما سمعوه من أشقاء لهم في جبهات أخرى، فإن كل ذلك وربما أشد خطورة منه .. مع اختلاف الوسائل والتوقيت قد حدث في الماضي ورغم ذلك عادت الأمة العربية أكثر قوة وترسخا .. فلقد اجتاح الانجليز مصر عام 1882 واستطاعوا هزيمة أحمد عرابي والذي ظلت المناهج التعليمية عقودًا طويلة من السنين بعد ذلك تصوره علي أنه "مارق" وخائن!!
وفي ليبيا .. هزم عمر المختار وتم اجتياح ليبيا وكذلك هزيمة عبد القادر الجزائري وهكذا انفرط عقد الدول العربية وقتها حبة حبة في حجر قوى الاستعمار .. ورغم ذلك تحررت الشعوب العربية وعادت القومية العربية إلي رباطها الوثيق .. ووجه الخسارة فيما حدث .. ان الأمة العربية ستعيش رازحة تحت نير الاستعمار الانجلوأمريكي الصهيوني عقودًا طويلة .. تعاني فيها الأمة همًا إضافيًا علي ما عانته من التخلف نتيجة الحقب الاستعمارية التي تعاقبت عليها .. وأوصلتها للحالة المزرية التي تعيشها الآن حيث استهانة عالمية بها وبإرادتها وبطموحاتها .. وكان يجب علي الأمة العربية انتهاز فرصة الاستقلال قصيرة العمر التي عاشتها قبيل تعاظم النفوذ الصهيوأمريكي علي أراضيها وعلي إرادتها والتي وصلت منتهاها بسقوط العراق في قبضة أيديهما .. بالعمل الجاد علي الأخذ بأسباب القوة سواء عسكريًا أو اقتصاديًا  وعدم الخضوع غير المبرر قوميًا لما يسمي بـ"الشرعية الدولية" طالما كان تلك الأخيرة لا تراعي مصالحنا القومية من جانب وغير قادرة علي حماية استقلال شعوبنا من جانب آخر.
وإذا كانت الأمة العربية ظلت 55 عامًا تناضل العصابات الصهيونية في إسرائيل دون أن تحقق نصرًا حقيقيًا، فإن المكتوب عليها أن تناضل تلك العصابات ومعها الحكومة العراقية العميلة التي يريدون تنصيبها علي العراق فترات أطول وبشكل أكثر عنفًا .. ونقول إن الأمة العربية تعرضت لطعنة غادرة شعر بها العالم الإسلامي قبل شعورنا نحن بها .. وأن المستقبل سيحمل الكثير من المتغيرات غير المحسوبة .قد تعصف عصفًا بكل هذا الواقع إما سلبًا أو إيجابًا أو منهما معًا..لكن الأمل لن يموت طالما عاشت الشعوب.
ومن المفيد العمل علي أن نقصر أمد مفعول المخدر .. حتي لا تطول فترة السكون والخمول .. ولكي نبدأ مرحلة النضال مبكرًا.
******
الوفد 13 مايو 2003
الذين دنسوا أرض الرافدين
للنصر منطق وفلسفة .. وللهزيمة منطق وفلسفة أيضًا .. منطق النصر في أنه لا يؤمن إلا بكل ذاته .. فحسب .. يؤمن بالاشباع – ولأقصي درجة – من كل حرمان بدءاً من التشبع من رؤية قلاع الخصم تنهار حجرًا حجرًا ومرورًا بإذلاله وامتهانه إلي التمتع باستجدائه لرحمتهم وإنسانيتهم .. حتي إن عدم قبول الاستجداء والغفران هو أيضًا منطق للنصر.
المنتصر يستحل كل شيء للخصم بدءاً من إرادته والتي قد يستخدمها لتدمر ذاتها فيعفي بذلك نفسه من كلفة تدمير ما تبقي منها وما يستتبعه من مخاطر طفيفة .. إلي استحلال كل ما هو مقدس للمهزوم، أرضه وهي مجاله الحيوي المادي "الأفقي" الذي يتحرك فوقه، وثقافته "وتشمل دينه وتراثه وعاداته" وهي المجال الحيوي "الرأسي" الذي يتحرك باخله .. وأي شيء كان يشعر المهزوم بالحمية نحوه وفي مقدمته العرض .. كل ذلك هو متاع للمنتصر .. وغنائم حرب .. حسب منطق النصر.
أما منطق الهزيمة .. فهو يعني عكس كل ما قيل في منطق الانتصار .. إنه التسليم التام والامتناع حتي عن الأحلام .. الهزيمة هي إلغاء من الحياة.
والمراد من تفصيل منطقي النصروالهزيمة هو ألا نستهين بفداحة خسارة الانهزام للتحسر علي عدم نيل النصر .. ومعاقبة كل من تسببوا في حرماننا منه ..  فالهزيمة التي لحقت بالعراق .. هي في مجملها إلغاء لوجو 26 مليون عراقي مع اصابة أكثر من 250 مليون عربي بمرض نفسي مزمن لا شفاء منه إلا بعودة إحياء العراق وتخليصه من كل من ألحقوا به الهزيمة النكراء في الداخل سواء أو في الخارج.
وقد يتخيل بعض المثاليين أن الغازين الذين دنسوا أرض العراق هم ملائكة .. وأنهم بعيدون عن كل موبقة .. وهو خيال مريض عار من الصحة .. فالغازون لا ينتمون إلا إلي أصحاب منطق النصر يستحلون كل شيء في العراق .. الأرض والمال والثقافة .. انهم يستحلون هتك عرض النساء عنوة أمام أهلهن .
بل إن المنتصر دائمًا ما يطوع التاريخ لصالحه .. يحذف منه تحت تراشق الدعايات المكثف إيمانًا بأن الكذبة لكي تصدق لابد أن تكون ضخمة جدًا كما يقول جوبلز وزير الدعاية النازي وتحت الضغط المكثف أيضًا علي زناد المسدس – كل ما يسيء إليه.
فالتاريخ في فلسفة ماركس هو مجرد "ديالتيك لا يتوقف عند حدود الزمان والمكان .. يسرد قصص المنتصرين وأنهم هم الذين يتم الاعتراف بهم فيه، بل انهم هم صناعة".
فمن منا يعلم أن (هتلر) كان شاعرًا .. كل جريمته أنه أحب قوميته (الآرية( التي تناثرت في دويلات عديدة بسبب خسارتهم للحرب العالمية الأولى وأراد توحيدها في ألمانيا الأم، وأنه كان يستقبل بالورود في عدة مدن ودول يقوم بضمها مثل اقليم (بولونيا) بل إن البولنديين طلبوا منه غزو أراضيهم وضمها إلي ألمانيا.
ومن يصدق أن نيقولا ميكيافيللي والذي حينما يذكر اسمه يذكر الشر والدمار كان أحد المسيحيين المتدينين الطيبين وانه كان يدعو في كتابه (الأمير) إلي العدالة وليس الحرب والدمار .. بل إنه كان شاعرًا رقيقًا وكان سفيرًا لبلاده وهو لم يبلغ من العمر 19 سنة، أي انه ليس باحثًا عن وجاهة أو هاربًا من فقر أو قهر .. لكن كل جريمته أنه أحب وطنه (إيطاليا) وأراد لها الوحدة والاستقلال ومات ولم يحقق حلمه بعدما انتصر الانهزاميون.
نعم .. التاريخ لا يعترف سوى بالمنتصرين ويبرر لهم خطاياهم .. أما المهزومون حتي لو كانوا ملائكة ودعاة عدالة وخير فهم في نظر التاريخ خونة .. مارقون .. مستبدون .. ملعون أيها التاريخ .. فأنت حقًا المارق الأول .. والأخير.
******
الوفد 2 يوليو 2003
التكريس للبراجماتية والشر
عمدت الولايات المتحدة الأمريكية إلي تأصيل مغاير جديد لوعي العالم يتجه نحو الأطر المادية البحتة باعتبارها غاية الغايات، متجاهلة في ذلك كل الأطر القديمة السائدة والخاصة بالمعتقد الأيديولوجي والمعرفي والحق والخير والجمال.
وهذه الأطر التي روجت لها الولايات المتحدة الأمريكية علي حياء أحيانًا، وبجرأة في أحيان أخري تعظم دور الانتفاع والاستغلال باعتباره عملاً يستحق التقدير حتي لو جاء علي حساب مقدسات معتقدية وإنسانية واجتماعية.
ورغم أنها تكرس لسيادة البراجماتية هذه إلا أنها – وهو الأمر المضحك – تتخذ من الدعايات الإنسانية غطاء لهذا الغرض رغم أن ما نراه من هذا التناقض البديهي يضاعف من حجم المصيبة.
فالولايات المتحدة الأمريكية لا تخجل من أن يتحدث مسئولوها مرة تلو الأخري عن أن الدافع لغزو العراق هو اقامة عراق حديث علي الطريقة الغربية مع تجريده من هويته العربية والإسلامية.
وإن كانت في أحيان أخري تردد أنها تحتل العراق لـ(تحرير العراق من صدام حسين وحكومته البعثية)!! .. فإنها تضيف إليها بعض المحسنات الإنسانية وتقول (اللذان أذاقا شعبه الهوان والذل).
وهو ذات الأمر الذي ردده نابليون بونابرت حينما غزا مصر معلنًا أن حملته جاءت لتحرير مصر من المماليك الذين ساموا المصريين سوء العذاب .. رغم ما يعرفه العالم ويعلنه الفرنسيون أنفسهم من أنهم جاءوا لإقامة امبراطورية عظيمة تمتد من فرنسا إلي المشرق العربي حتي الهند.
وإذا كان الفرنسيون قد قتلوا الآلاف من العرب فإن الأمريكيين قد قتلوا مليوني عراقي حصارًا بالجوع والمرض وقتلوا مئات الألوف بالضرب المباشر باستخدام أسلحة فتاكة ومحرمة إنسانيًا وليس دوليًا فحسب.
ويتمثل دور البراجماتية الأمريكية فى تجاهلها لأية قيمة إنسانية لأنها تعتبر أنه لا يوجد شيء إنساني غير ما تردده.
فالخير لديها أن تقتل الملايين من العرب والشر لديها أن يقتل العرب المئات أو حتي العشرات من جنودها، تسمي ما تفعله هي مقاومة الإرهاب وتسمي ما يفعله العرب المقاومون إرهابًا!!
ورأينا عبر شاشات التليفزيون الأحاديث والمناورات والمداولات المكثفة بين الحكومتين الأمريكية والتركية حول ما يجب أن تقدمه تركيا لخدمة العدوان الأمريكي علي العراق مقابل ما يمكن أن تحصل عليه من أموال.
رأينا هذا الفعل الفاضح بين الدول العظمي علي شاشات التليفزيون .. رأينا الراشي والمرتشي ولكنا لم نلمس أية نية لتحرك الشرطي الذي كان يراقب المشهد مبتسمًا.
شاهد العالم الولايات المتحدة تحرض علي شراء وطن وشاهدوا أيضاً قادة عراقيين كبارًا يبيعون الخيانة بأبخس الأسعار..حسب ما أعلنه تومي فرانكس من أن الولايات المتحدة الأمريكية قد قدمت رشاوي لثلاثة من قادة الجيش العراقي الكبار لشراء ولائهم وإصدار أوامرهم لقواتهم بعدم الدفاع عن بغداد مما نتج عنه الانهيار المفاجيء لهذه القلعة.
أليس الغرض من تسريب هذه الأخبار أمريكيًا هو الحرص علي نزع الحياء والتكريس للرذيلة وخلق حالة من الاعتراف بشرعية ممارسة هذه الأعمال الدولية الفاضحة، بوصفها حالة كمال وليس نقصًا، إن إعلاء قيمة الانتفاع هو بداية انهيار عظيم جديد للعالم ومثالياته .. هو تحويل العالم إلي مجرد فاترينة، كل شيء فيها يباع بدءًا من الأشخاص وانتهاء بالأفكار.
فخلق فجوة كبيرة بين واقع وأحلام مليارات البشر هو ما تعمل زعيمة العالم علي تثبيته وتكريسه كمبدأ ثابت .. بعدما شاهدوا أوطانًا تباع .. وذممًا تتسع لوأد هذا الكون الذي نعيش فيه.
إن التصرفات الأمريكية في شئون العالم سيكون لها مردود واضح علي سلوكيات الأشخاص والجماعات.
وإنني أخشي ذات يوم أن نجد المواطنين ينشرون إعلانات في الصحف يعرضون فيها استعدادهم الكامل للتخلي عن أية معتقدات دينية وفكرية وأخلاقية مقابل الدفع لهم، أو نجد أحدهم يعلن استعداده لارتكاب جميع الكبائر والموبقات وما يعف اللسان عن ذكره مقابل بضعة جنيهات.
وأخشي أكثر ما أخشي أن يكون هذا الأمر قد أصبح واقعًا مؤكدًا الآن.
******
الوفد 8 أغسطس 2003
هل أخفق البعد القومي للأمة العربية؟
سؤال صارت أجندة الأحداث المتلاحقة في المنطقة العربية تفرضه بقوة بعدما صار معروفًا للقاصي والداني أن الجميع يهرولون نحو البيت الأبيض حتي لو كانت الفاتورة المدفوعة هي الدم العربي الزكي في العراق وفلسطين والسودان وبقاع متعددة في عالمنا العربي المخلوط بالنفط العربي أيضًا ليشعل حرائق في بلداننا ويعمر الحياة في بلدانهم.والحقيقة أن البعد القومي للأمة العربية ليس بعدًا فاشلاً ولكنه بعد مهمل في حسابات الكثير من القوي العربية المدجنة.
والواقع أن العرب يجيدون إهدار أبعادهم الطبيعية، فشلوا في أن يتحدوا وأ‍ يتقدموا في سبيل ذلك خطوة حتي يرجعوا مثلها للخلف.
أنشأوا جامعة الدول العربية في منتصف الأربعينيات القرن الماضي علي أمل لم الشمل وتوحيد الأمة ذات المصير الواحد فإذا بنا نفاجأ بأن العرب صاروا عدة دول ودويلات وصاروا أكثر تقزماً وتقوقعاً .. قالوا إنهم لابد أن ينفتحوا علي العالم الخارجي ويسايروا معطيات العصر فإذا بنا نجد الأزمة التي ما برحت الفكاك من الاستعمار عبر الكفاح المسلح تعود إليه طواعية مبررة له استعماريته.
لم يخفق البعد القومي العربي ولكن أخفق شخوص المرحلة في قيادته ، أخفقوا في قيادته لأنهم لم يكونوا صادقي النوايا في إحيائه.والدليل علي أصالة البعد القومي هو أنه لم ينهر حتي الآن في نفوس الشعوب العربية وإن كان قد انهار فعلاً منذ زمن طويل لدي الحكومات.
الشعوب تتواصل والساسة يقطعون .. الشعوب تتألم للافتراق والساسة يعتبرونه نجاحًا .. الشعوب تقاوم التغريب والحكومات تفرضه علي شعوبها.حقيقة لم يخفق البعد القومي العربي،ولكن الذي أخفق هو ربط إرادة الحكومات بشعوبها.
إنهم يريدون إهدار البعد القومي العربي كما أهدروا من قبل البعد الإسلامي وأرادوا أن يهدروا البعد الأفريقي.نعم أرادوا صناعة بعد مزيف يسمي الشرق أوسطية وبعد آخر أطلقوا عليه دول البحر المتوسط كلها لاتعدو أن تكون مسميات وحبرًا علي ورق بال.
فالمواطن المصري مثلاً لا يشعر أنه مواطن بحر متوسطي مثلاً وأنه وجه آخر من وجوه شعوب الدول الأوروبية المطلة علي البحر المتوسط وهو يدرك أن علاقته بهم لا تتعدي أن تكون علاقة العسكري بالحرامي.والمواطن المصري لا يشعر أنه مواطن شرق أوسطي ولا يمكن أن يشعر بالإخاء مع مواطن استعماري إسرائيلي بوصفه من الأشقاء.
نعم القومية العريبة هي شعور حقيقي يختلج في النفوس يسري مسري الدم في عروق الناس .. قد تفتر حميته مرة ولكنها ساخنة في جميع الأحيان .. أما الذين أرادوا أن يقنعونا بأن القومية العربية قد سقطت فهم واهمون.
القومية العربية لا يمكن أن تسقط لأنها رابطة دم وتاريخ ولغة وتراث ودين.
فمن منا لا يعتصر قلبه ألمًا لاحتلال العراق؟ من منا يطيب عيشه وحاضرة أبي جعفر المنصور محتلة مدنسة من قبل جنود المارينز .. من منا لا يبكي دمًا وحمية ومئات الفتيات يتعرضن للاغتصاب من قبل همج العصر في العراق ويصرخن وامعتصماه ..وامعتصماه .. بلا عاصم يأتي.
فلماذا نحزن علي العراق وفلسطين إن كانت القومية العربية وهمًا؟!
القومية العربية لن تسقط لأنها علامة مميزة للإسلام .. فهل يسقط الإسلام؟!
******


الوفد 9 مايو 2003
العربي التائه .. إلي أين؟
هل أصبح العربى مرادفًا لليهودي التائه؟
لست أدري هل أصبح الفكر العربي تائهًا؟
يقول نيقولا ميكافيللي: "إن طول فترة السلام تصنع شعبًا مخنثًا" .. والمشكلة في أن الإنسان العربي لا يسعي إلي الحرب .. بل إن الحرب هي التي تسعي إليه .. وانه يريد السلام ولكن العالم لا يريد لنا إلا الاستسلام والقبول قصرًا بكل ما هو أجنبي.
إن الإنسان العربي له حق أصيل في الدفاع عن ذاته وعن قوميته، وعن ثقافته وأرضه وعرضه . لكن كما لو كان قدرنا ان الغرب يقف دائمًا ضد برامجنا القومية ويجهضها إما إعلاميًا أو عسكريًا .. رغم انني لا أتخيل أن ترسل الدول العربية جيوشًا مثلاً لتحارب إحدى الكوريتين إن أرادتا الوحدة، أو ترسلها لتحارب بريطانيا لو أرادت توحيد الجنس الانجلو أو لتحارب أ‍لمانيا لو أرادت توحيد الجنس الآري مرة ثانية كما فعل هتلر .. فلماذا دائمًا العالم يقف ضد قوميتنا؟!
لماذا؟ .. لماذا؟
في الواقع ان هناك أسبابًا داخلية وخارجية تجعل الإنسان العربى تائهًا: الخارجي منها هو أن الولايات المتحدة الأمريكية زعيمة العالم "غير" الحر تري أن ظهور القومية العريبة وتناميها في المنطقة العريبة يمثل خطرًا عظيماً علي استعماريتها الثقافية ثم العسكرية وخطرًا داهمًا ضد حليفتها المدللة "إسرائيل" ولذلك فهي تسعي جاهدة لاعتماد الأسلوب الاستعماري القديم "فرق تسد" وذلك لأنه في وحدة الأمة غني عن رعايتها .. وتحضرني هنا مقولة برنارد شو: "إن أمريكا هي الدولة الوحيدة في العالم التي انتقلت من عصر الهمجية إلي عصر الانحلال دون المرور بعصر الحضارة".
أما السبب الداخلى فهو اقتصادي الطابع استبدادي الهوية حيث تعاني الشعوب العربية عناءً مريرًا في البحث عن الطعام بمعناه المجرد.
فكيف يتسني لمواطن بالكاد يجد قوت يومه أن يشارك في العمل السياسي؟
إن الحكومات العربية تشعر المواطن بشكل دائم أنها تصنع معجزة حقيقية يومية لكي توفر له طعامه، وهي قاصدة بذلك قتل طموحاته الفكرية وتحويله إلي كائن بيولوجي .. رتيب .. مطبع، لا هم له إلا أن يبقي حيًا يرزق .. ووقتها سيكون البحث عن الهوية هو مجرد رفاهية وسط تلك المعمعة الحياتية.
ولكني كي لا انصرف بعيدًا أقول إن بربرية الولايات المتحدة من جانب، وفقر المواطن العربي جعل العمل السياسي رفاهية والقومية العربية حلمًا بعيد المنال.
ولكنني أيضًا اذكر .. أن اليهودي التائه الذي طالما روج له اليهود في أوربا وأمريكا .. هو المرض الذي يعانيه العرب الآن .. المهمومون أو المبتلون بتعاظم دور الصهيو – أنجلو – أمريكية في حياتهم وثقافتهم وحق شعوبهم في الوحدة .. وبسبب ضعف النظم العربية وانصرافها عن الفكرة القومية لأسباب غير واضحة أو مبررة.
إننا نريد أن نصرخ في وجه الولايات المتحدة: انصرفي عن حياتنا .. دعينا نتذوق نيران نظمنا فهي أجمل وأرق من كل ديمقراطياتك وحرياتك .. دعينا نكافح تلك النظم بأنفسنا ونختار بدائلها بأنفسنا .. ونحقق أحلامنا بأنفسنا .. دعينا .. دعينا .. فقد جعلتنا غرباء في أوطاننا .. نحن لا نحب ديمقراطيتك – صدقيني – ولن نقبلها!
******
الوفد 14 يناير 2006
سوريا .. لاحقتك السلامة
سوريا الحبيبة .. لاحقتك السلامة .. فقد تحور المرتزقة المدافعون عن احتلال العراق وإبادة شعبه ليظهروا بمظهر دعاة الاستقلال ويدافعوا بهتانًا عن استقلال لبنان وهو البلد المستقل.
وظهر هؤلاء المفكرون ((الاستراتيجيون)) بذات مناطقهم الغامضة والمغلوطة التي دافعت عن ذبح شعب العراق علي يد الامبريالية العالمية ليدافعوا عن استقلال لبنان .. وكأننا ضد استقلال لبنان الشقيق الذي دفع ومازال فاتورة ضخمة في تصديه للصهيونية ومثل الجبهة العربية الوحيدة النابضة بالمقاومة ضد العدو الصهيوني طيلة سنوات عديدة مضت.
ظهر هؤلاء ((الاستراتيجيون)) ليتعاطفوا وبراءة الحملان في عيونهم مع ما تسميه الامبريالية العالمية بالمصالح الغربية لبلدانها في لبنان بينما كشروا عن أنيابهم محاولين الكشف عن أي خيط ملموس أو حتي ((مفبرك)) لشبهة وجود تلك المصالح بالنسبة لسوريا، وليحولوه إلي حبل مشنقة يلتف حول عنق دمشق، وليعيدوا ذات السيناريو الذي استخدم في ذبح بغداد الرشيد الباسلة.
وكأن قدرًا علي شعوبنا أن تذبح تارة باسم القضاء علي (الإرهاب)..وتارة باسم التخلص من السلاح النووي..وتارة باسم الديمقراطية..وأخيرًا باسم الدفاع عن الاستقلال.
ولست أدري ما قيمة المنطق إذن؟ لأنه بمنطق الحوار والعدو المشترك والتاريخ والثقافة نبرر أن يكون لدمشق مصالح في لبنان، ولكننا لا نبرر - لذات الأسباب -  لواشنطن أو باريس أو حتي تل أبيب وجود تلك المصالح، لكن ما حدث هو أننا – أو أنهم – برروا لهذه الدول الغربية ما رفضوه لسوريا، وحرموا ما له منطق وأباحوا ما ليس له منطق!!
ولبنان بكل تعقيداته الطائفية والدينية كان من المقبول فيه أن تجد ما يهاجم سوريا ومصالحها وربما هم كثيرون، ولكن في ذات الوقت ستجد من هم يدافعون عن سوريا وهم الأكثر، والمشكلة كما تحاول أن تصورها بعض الفضائيات وتيارات سياسية بعينها من التركيز والتكثيف إظهار أن الموضوع هو رغبة لبنانية في ((التحرير)) من الاستعمار السوري!!
وهؤلاء الداعون لهذه الرؤية هم في الحقيقة لا يحبون لبنان أبدًا، ناهيك عن كراهيتهم لسوريا، وذلك لأن لبنان الذي تشافي قليلاً من صراعاته الإثنية والدينية الداخلية هو الآن يُجر للمرض جرًا ولصالح طرف واحد وهو إسرائيل.
ومن هذا الفهم فليس من الغريب أن تخرس ألسنة هؤلاء ((الاستراتيجيين)) المدافعين عن الاستقلال الآن حينما عربدت إسرائيل طولاً وعرضًا في أراضي لبنان الشقيق تحرث فيه الأرض والنسل لسنوات طويلة مضت لولا بسالة الشيخ حسن نصر الله وحزب الله المناضل الذي تحمل فاتورة الدفاع عن لبنان بمفرده.
ولعلنا نتذكر المظاهرات المليونية التي نظمها حزب الله فى دولة عدد سكانها لا يصل لتمام أصابع اليدين بالمليون وكلمتى لهؤلاء المتنكرين تارة في لباس الفكر الاستراتيجي وتارة في لباس حقوق الإنسان وأخري في لباس الأدباء والعلماء بأن انزلاق لبنان في صراع داخلي هذه المرة قد يكون مدمرًا.
أسد عليَّ .. وفي الحروب نعامة            عار عليك .. إذا فعلت عظيم
******
عرب نيوز 10اكتوبر 2008
صور المساخر فى بلاد المفاخر
يثير الظلم فى أى بلد فى العالم مشاعر السخط والحنق والرغبة فى الانتقام إلا فى بلادنا العربية خاصة والإسلامية عامة فالظلم يثير الضحك وأنا فى تقديرى أن هذا الضحك يأتى ليس لبساطة فعل الظلم ولكن لشدته وقسوته وكتعبير ساخر عن مدى جبروت الجلاد من جهة واستكانة واستسلام الضحية المجلودة والتى بدأت تستطيب الجلد والجلاد من جانب آخر.
وكانت من أكثر الأشياء التى أثارت ضحكى أو سخريتى فى الآونة الأخيرة ما تناقلته وسائل الإعلام عن وجود أحزاب وجمعيات ونحو الألف شخصية عامة فى تونس وقعوا عريضة تطالب الرئيس زين العابدين بن على بالترشح لفترة رئاسة رابعة وتعديل الدستور الذى يمنع ذلك.والأكثر إضحاكاً أن تلك الدعوة انطلقت قبيل انتهاء فترة ولاية الرئيس بنحو أربع سنوات وهى الفترة الكافية لتمكين السلطات بمحاسبة و"تطيين عيشة" من لا يوقع على تلك العريضة .ويبدو أن المسئول الذى خطط لهذه الوقائع كان يريد إظهار أن الشعب هو الذى اجبر الرئيس - وليس العكس - على الاستمرار الى ما لا نهاية فى حكم هذه البلاد إلا انه نسى أن هذه الحيل لا يمكن أن تنطلى على الشعوب العربية التى تكتوى بنفس جموح النزوات للنظم الحاكمة.
المضحك أن النظام التونسى طور فى الطريقة وكأنه يريد أن يقول لأقرانه إنه الأذكى مع أن الجميع يعلم أن تونس هى الدولة العربية الوحيدة التى يعاملها رئيسها كشركة "قطاع عام" بحيث يروح يدفع للصحف والصحفيين فى العالم العربى لينشروا خبر افتتاحه اى شىء حتى لو كان لمحل "طرشى" ولذلك لا يمكن أن تجد صحيفة واحدة تهاجم نظامه اللأخلاقى الذى انفرد استبداديا بالتدخل بين العبد وربه وجعل الصلاة فى المساجد بتذكرة وحرم الطلاق واحل الزنا وقام - بحسب ما تواترت الروايات- بالظهور بطلعته البهية عبر شاشات التلفزة وقام باحتساء الخمر فى نهار رمضان حاثا موظفى الدولة على الإفطار وإلا فالعقاب .هذه صورة لأخطر النظم الاستبدادية فى عالمنا العربى الذى يكرس للقيم العلمانية الأتاتوركية التى تقريبا انقرضت فى بلدانها.
أما ثانية صور المساخر ففى مصر وهى تتمثل فى قيام خمسة أشخاص يتزعمهم سائق نقل ثقيل والثانى صحفى لم يكتب طوال حياته الصحفية عشرة اسطر والثالث مساعد مخرج فاشل كما فشل من قبل كـ"طبال"والرابع شخص كل أمانيه قيد اسمه فى جداول نقابة الصحفيين رغم أته ذو مؤهل متوسط والخامس "سمسار" متواضع للغاية للرخص الصحفية الأجنبية وقام الخمسة بتكوين حركة لدعم السيد جمال مبارك لحكم مصر أسبغوا عليها صفة الشعبية وقامت المنابر الإعلامية المصرية بـ"اللت والعجن" فى الموضوع الذى موله رجل أعمال "شرقاوى" ينتمى للحزب الوطنى.
ومع ذلك فهذا لا يعنى إننا ننكر حق السيد جمال مبارك الترشح لرئاسة الجمهورية فى أجواء انتخابية صحية وديمقراطية.
ومن المساخر التى هى حقا تؤلم أى عربى نظرا لمكانته العالية فى النفوس ما يحدث فى اليمن فالجميع يتذمر ويطلب المزيد من نظام لا يوجد معه ما يقدمه , فالجميع يعانى التهميش ولم يقل هذا الحزب أو ذاك من هذا الذى لا يعانى أيضاً وعلى رأسهم النظام "الحاكم" نفسه , فالمشكلة أن اليمن بلد فقير ولا رفاهية فيه لحاكم أو معارض.
اليمن يحتاج الى جهود التوحيد والعمل والإنتاج وليس إلى جهود التجزئة والتفتيت والتى تصنع كانتونات قزمية تضيف مأساة جديدة الى مأسينا القائمة خاصة فى هذا البلد الذى يلقبونه بالسعيد مع أنه لم يكن يوماً سعيدا بالمرة.ومن المساخر أيضاً علاقة الجزائر بجبهة البوليساريو ذات النزعة الانفصالية عن المغرب.
ولا أدرى ما شأن الجزائر قى ذلك وما علاقتها بتلك الجبهة وماذا ستستفيد من انقسام المغرب إلى دولتين إحداهما شمالا وعاصمتها الرباط والأخرى جنوبا وعاصمتها العيون .. وقد يقول قائل إن جبهة البوليساريو تدعم الدخل الجزائرى عبر إجراءات جمركية لصادراتها ووارداتها ولكن أى حكيم يقول وهل يكون المقابل تقسيم دولة عربية جارة ولماذا لا تطرح أن تأخذ مزايا مغربية مقابل دعم الاتحاد والوحدة لا الانفصال والتشرذم؟.
ألم تجد الحكومة الجزائرية معركة قومية أكثر نبلاً من معركة لا ناقة للجزائريين فيها ولا جمل؟!!!
 وعدوى المساخر العربية انتقلت إلى البلاد الإسلامية وعلى رأسهم باكستان التى تعد بكل معنى الكلمة دولة فاشلة تفتقد فيها كافة مقومات الدولة فالجيش الوطنى يقف عاجزا أمام كل أزمة والجيش الأمريكى وحركة طالبان المتنازعان لهما اليد الطولى فى معظم أقاليم الشمال.
المدهش أنه حينما ضربت السيول البلاد طولا وعرضا وعرضت حياة نحو 20 مليونا للموت فى أبشع كارثة إنسانية يشهدها العالم تفردت حركة طالبان " طلاب الشريعة" بمهام الإنقاذ وإطعام الجوعى وعلاج المرضى فى حين ظل الجيش لفترة طويلة عاجزا عن التحرك , وبدلا من أن يتم تقديم الشكر للحركة تم حظر مساهمتها فى أعمال الإنقاذ وهو ما يذكرنى بمثل شعبى مصرى يقول "لا يرحم ولا يدع الرحمة تنزل"


محيط – 25 يناير 2010
ماذا تبقى من العراق ليحكمه المالكي؟
في مارس العام الماضي أصدرت منظمة رصد فرنسية تقريرا خطيرا يفيد بأن عدد ضحايا الغزو الأمريكي للعراق وصل الي مليونين و350 ألف عراقي.
وقالت المنظمة التي اعتمدت احصائياتها علي ارقام استقتها من المستشفيات واقسام الشرطة والهيئات والمنظمات الانسانية والصحية الدولية العاملة في العراق وعبر مسح شامل لجميع الاراضي العراقية إن ما تأكد لديها يعد "هولوكست" حقيقي تعرض له العراقيون وأن ما قالته الولايات المتحدة وحلفاؤها في معرض تبريرها فرية كبري.
راجع الرابط علي شبكة الانترنتhttp://www.countercurrents.org/polya210309.htm
وفي الأشهر القليلة الماضية أصدرت منظمة صحية أمريكية مستقلة وثيقة الصلة بمنظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة تدعي ‘ جماعة ‘ميرسي كور’ ‘ تقريرا آخر يؤكد وجود نحو ثلاثة ملايين ونصف المليون عراقي يعانون إعاقات جسدية وبتراً في الأطراف وتشوهات في الإبصار والسمع والكلام نتج معظمها جراء القصف العشوائي الذي شنه الجيش الامريكي علي العراقيين طيلة السنوات السبع الماضية بالإضافة إلى وجود نسبة منها ترجع إلى التفجيرات التي تجريها الميليشيات المتحالفة مع الحكومة العراقية او المتصارعة معها.
ذلك فضلا عن تقارير قالت ان نحو المليون عراقي قضوا نحبهم جراء الحصار الظالم الذي فرض علي العراق قبل الغزو.
ونشرت اليونيسبف التابعة للأمم المتحدة في تقارير متعددة لها أن نحو 70% من إجمالي الشعب العراقي يعانون من امراض نفسية وهلاوس بصرية وسمعية وعمليات خوف شديد تنتاب غالبية أطفال العراق وأرجعت التقارير السبب وراء ظهور تلك الأمراض إلى انه لا يوجد عراقي واحد لم يفقد واحداً من أقاربه علي الأقل جراء الحرب.
وأضافت التقارير أن أطفال العراق بالكامل مصابون بحالة خوف لا إرادي تجعلهم يخشون النظر إلى السماء التي لا تلقي عليهم إلا القنابل التي تحصد ذويهم.
راجع الرابط علي شبكة الانترنت
http://www.almansore.com/MakalatL/MK-DrMohanned14-09-09.htm#_ftnref1
ويوجد الآن نحو 150 ألف عراقي اسري في سجون الحكومة العراقية أو الاحتلال الامريكي وذلك بحسب تقارير نقلتها إذاعة وتلفزيون "روسيا اليوم " وهي أرقام تقل كثيرا عن أرقام أخرى نقلتها منظمات تابعة لفصائل المقاومة العراقية بكامل أطيافها تقول أن عددهم يتجاوز 750 ألف أسير.
كما يوجد نحو الخمسة ملايين عراقي هم الآن لاجئون إلى عدة دول لعل أهمها سوريا والأردن واليمن ومصر وبعض الدول الأوربية .
وأشارت تقارير عديدة إلى أنهم يعيشون في ظروف لا أدمية وتمارس حكومة "المالكي " الأمريكية – الإيرانية ضغوطا شديدة علي الدول التي تستضيفهم لإلغاء أقامتهم وإعادتهم إلى العراق تارة بحجة الحاجة إلى "كفاءتهم" في اعمار العراق " الجديد" أو إلى أنهم مطلوبون امنيا .. بما يعني إنهم يريدون تصفيتهم ليتحولوا إلى مجرد أرقام في تعداد ضحايا هذا العراق الجديد.
ولو أضفنا إلى هذا وذاك البدء فعليا في تقسيم العراق والاستقلال شبه التام الذي حازه إقليم "كردستان" في الشمال والبالغ عدد سكانه نحو الخمسة ملايين فإننا سنجد أنفسنا أمام سؤال منطقي للغاية وهو : ماذا تبقي من العراق والعراقيين ليحكمه المالكي؟
ماذا تبقي من شعب استشهد وأصيب أكثر من ربع عدد سكانه البالغ 20 مليون تقريبا وفضل الربع الثاني اللجوء السياسي في الخارج عن الموت دون ضجيج في الداخل بينما انسلخ الربع الثالث ليقيم دولة شبه مستقلة في كردستان في حين يظل الربع الأخير أما المنتمون لميليشيات الموت الحكومية أو المنتمون لحركات المقاومة أو خائف ومرتعش وصامت ومستفيد؟
وما هي كل تلك الضجة التي نسمعها هناك عن أحزاب وتيارات وحركات متصارعة ومساومات ومواءمات وتوافقات واختلافات وهي كلها أساليب تحاول بها حكومة المالكي العميلة الظهور بثوب الديمقراطية التي لو صدقت لكانت العراق أكثر من أمريكا نفسها ديمقراطية وليست الدولة الأكثر فسادا في العالم حسب تقارير أممية ؟
ولماذا كل تلك الضجة والكل يعلم أن هذه التنظيمات والأحزاب أو تلك هي صنيعة للاحتلال الأمريكي الإيراني المشترك للعراق ؟ لماذا يتناسى البعض أن العراق قطر محتل؟
منذ أيام أمهل ما يسمي مجلس محافظة النجف بالعراق البعثيين العراقيين من مواطني المحافظة للخروج منها خلال يوم واحد وإلا فانه سيقوم بعمليات إبادة لهم .. هل سمع أحدكم بهذه المهزلة ؟ هل سمع أحدكم بأن دولة ما حتي لو كانت من بلاد واق الواق تطالب مواطنيها بالرحيل عنها علما بأن عدد البعثيين في هذه المحافظة يتجاوز 190 ألف بعثي لو انضمت إليهم أسرهم لقاربوا المليون عراقي.
هل سمعتم عن دولة تقوم باستئجار مواطنين من دولة أخري للتظاهر ضد مواطنيها كما حدث حينما تظاهر نحو الألفي إيراني في العراق يطالبون بالقضاء علي البعثيين العراقيين ؟.
راجع الرابط علي الانترنت
http://www.almansore.com/MakalatL/MK-DrMohanned14-09-09.htm#_ftnref1
هل سمعتم من قبل عن رئيس وزراء يستعين بنحو 59 ألف عنصر استخباري إيراني لتأمين حكومته المفترض فيها أنها عراقية ؟
هل سمعتم عن دولة تقتل صحفييها وتستعين بمرتادي المقاهي والمتسكعين والساقطات لتضمهم إلى نقابة الصحفيين التي كان عدد أعضائها قبل الغزو نحو 950 صحفياً قتل منهم نحو 400 صحفي بعد الغزو وفر للخارج نحو 400 آخرين ثم صار عددهم في يوم وليلة نحو 12 ألف شخص لا يحمل معظمهم مؤهلات عليا ويتقاضي عدد كبير منهم رواتب ثابتة من قبل ضباط قوات الاحتلال الأمريكية مقابل أن يضعوا أسماءهم علي المقالات التي يكتبونها لهم ؟ وهي الفضيحة التي كشفت عنها صحف أمريكية وأوروبية نقلا عن اعترافات لضباط أمريكيين سابقين شاركوا في احتلال العراق .
أليس بعد كل ذلك يكون من الأجدى والمنطقي أيضاً تقديم نوري المالكي وزمرته وكل المشاركين معه فيما يحلو لهم تسميته بالعملية السياسية لمحاكمة عاجلة تقتص لدماء الأبرياء؟ ولكرامة بلد كانت هي الأقوى والأفضل تعليما وتماسكا وثراء في المنطقة العربية.
******
جبهة انقاذ  مصر – 28 يناير 2010
عبث المنطق ومنطق العبث بين مصر والجزائر
حقا يا سادة , نحن نعيش الآن في زمن الصغار , صغار القلوب والهمم والأماني , ضعاف النفوس والضمائر والبصائر, ضعاف الانتماء لله والوطن , قصار القامات والهامات , معدومي الشرف والكرامة. فما يحدث الان علي الساحة الكروية والتي انعكست علي الساحة السياسية بين القطرين الشقيقين مصر والجزائر لشيء مثير للغثيان ما لم يكن القرف , انه العبث بعينه , فالشعبان اللذان ضحي كل منهما بدمه فداء للآخر نجدهما الأن بعد مرور نحو الاربعين عاما.. وقد فعل الدهر خلالها ما فعل يضحي كل منهما بالغالي والثمين حتي يتسني له أن يسحق الأخر وأن يهدر كرامته مقابل الفوز في مباراة لكرة القدم ما جني منها الرابح ولا الخاسر شيئاً له قيمة تذكر , رغم أن كرامة الامة العربية بأسرها تهدر في كل مطلع شمس مائة مرة علي يد الصهيونية العالمية ورجالاتها وعملائها في فلسطين والعراق المحتلين , ورغم أن كل بلداننا العربية تقريبا ترزح تحت نير الامبريالية الأمريكية , وحال سبيلنا يقول "أسد علي وفي الحروب نعامة".
وفي زمن الكبار تصبح بالتالي كل التضحيات كبيرة , حيث راحت مصر الكبيرة والخارجة لتوها من عفن الاستعمار والاقطاع والشارعة في تنفيذ المشروعات التحررية الكبري في داخل مصر وخارجها تحت قيادة الكبير جمال عبد الناصر , فراح الزعيم خالد الذكر يدعم ثورة شعب المليون شهيد ويدرب كوادره ويعلن استقلال الجزائر وراح ايضا يرسل البعثات التعليمية والمهنية والعسكرية تلو البعثات حتي يهييء هذا الشعب العظيم لبناء دولته المستقلة ويعيده الي حضن أمته العربية بعد فرنسة دامت قرابة القرن ونصف القرن وعوقبت مصر جراء تلك المساندة الصادقة بالإضافة إلى أسباب أخرى عديدة نعلمها جميعا بالعدوان الثلاثي الغاشم 1956وما إن شبت أظافر الدولة الجزائرية الوليدة حتي حدثت نكسة 1967فعز علي الكبير أيضاً هواري بو مدين الزعيم الجزائري أن يري مصر وسوريا تمران بتلك المحنة فطار إلى الاتحاد السوفيتي مقدما شيكا مفتوحا علي بياض إليه نظير تجهيز جيشي هاتين البلدين الصامدين بأحدث الأسلحة السوفيتية.
وفي هذه الواقعة يحكي أن الزعيم السوفيتي بريجينيف اتفق عقب تناول الغداء الرسمي مع أحد كبار المرافقين العسكريين للرئيس الجزائري في تلك الرحلة وكان معروفا عنه أنه كان يعاقر الخمر علي أن مصر ستحصل علي دبابة متطورة مجانا مقابل كل كأس يشربه , فراح الرجل يتحامل علي نفسه وأخذ يشرب ويشرب حتي بلغ ما شربه نحو 19 كأسا –وهو رقم يكفي لقتل حصان- إلى أن خر ساقطا فنقل علي أثرها الي المستشفي بين الموت والحياة , وجاءت بعد ذلك حرب أكتوبر المجيدة 1973 فشاركت الجزائر بلواء كامل في أتون المعركة.
هذه هي نماذج النضال التي يجب أن تعلمها الأجيال القادمة , هذا هو النضال الحقيقي الذي يهدف في الأساس لحفظ الكرامة والدم العربي في معركة حقيقية ضد إمبريالية تتربص بنا وتضعنا جميعا معا في سلة واحدة لا تفرق بين القاهرة ودمشق والرباط وبغداد والدار البيضاء وبيروت , فجميعنا عندهم عرب ومسلمون يجب القضاء عليهم.
أما في زمن الصغار , فكل الأشياء حتماً ستبدو صغيرة , سنترك إسرائيل تنجو بجريمتها في حق دم أبنائنا الذين يقتلون مرارا وتكرارا دون دية علي أراضينا في سيناء وسنصب جام غضب شعبنا في مصر ضد شعبنا في الجزائر بحجة "ماتش" كرة , سندعو الي التحرر الجنسي وسنترك بلداننا العربية محتلة , سنعتبر أن الوصول للعب في كأس العالم هو النجاح بعينه مع أننا فاشلون في كل العلوم , سنكرم لاعبي كرة القدم والمشخصاتية ودعاة التغريب وسنهدر طاقة علماء الذرة والكيمياء والفيزياء لدرجة تجعل الواحد منهم يتمني أن ينال من الحظ ما تناله راقصة , سنحط من شأن أي باحث وسنعلي من شأن المباحث, إنه الحول الذي أعمي الأفئدة قبل الأبصار, فصارت المصالح الشخصية اعلي من مصلحة الأوطان , ولا عزاء للشعوب وأمانيها القومية.إنه بحق عبث المنطق أو ربما منطق العبث .
مرفقات لها دلالة:
* برنامج الحياة اليوم علي قناة الحياة أذاع يوم الجمعة 20 نوفمبر الماضي لقطات لعدد من مشجعي كرة القدم يحملون العصي والسكاكين وصفهم بأنهم مشجعون جزائريون الا أن مراسل القناة في الخرطوم أكد في اتصال هاتفي أن هذه اللقطات ليست لمشجعين جزائريين وأن الاستاد ليس هو الاستاد الذي أقيمت عليه المباراة بل إنه قال إن هذه اللقطات قديمة ومتوافرة علي صفحات الفيسبوك منذ سنوات!!
*احدي الفضائيات حضرت إلى نقابة الصحفيين المصريين وراح المعد والمخرج يدعوان المتحدثين إلى سب الجزائر والقومية العربية ودعاهم لأن يصفهم بالهمج .. كان من سوء حظ معد البرنامج أن أحد الذين التقي بهم وهو الزميل حسن بديع وهو واحد من المثقفين القوميين المعروفين فراح ينهرهما وطردهما من النقابة.
*الاعلامان المصري والجزائري-علي حد سواء- الرسمي وغير الرسمي يقومان وبطريقة منظمة بتصعيد الحرب الكلامية بشكل غير مسبوق .. و شاركت في هذه المعركة أقلام عرف عنها "تلقي الأوامر".. فهل الاعلام العربي في مصر والجزائر علي حد سواء .. مخترق.
******
محيط 11 فبراير 2010
إيران .. معنا أم علينا
سؤال يلح على أذهان الكثيرين فى عالمنا العربى ومجرد طرحه يعد معيارا لعمق الفجوة التى أحدثتها نظم الحكم والسياسيون فى العلاقات بين الثقافتين المتقاربتين التى يؤمن بها العرب سواء أو الفرس.
هل نحن فشلنا فى فهم إيران أم هى التى فشلت فى فهمنا ؟
فنحن - واقصد بها الشعب العربى وليست نظم حكمه- كنا نعتقد أن إيران جزء مكمل لمنظومتنا العربية وأنها ليست بعدو قط ولكنها حليف استراتيجي مهم وامتداد فكري بالغ الأهمية لامتنا العربية , وكناتج لهذا الإيمان نرى أن القوة العسكرية الإيرانية من الممكن -لو حسنت النوايا- أن تصبح رصيدا مضافا للقوة العربية- إن وجدت- ولذلك فنحن نتمنى لها النجاح فى اجتياز أزمتها النووية .
ولكن ثمة أمر محير لدى نظام الحكم القائم فى إيران الذى نتفق معه بشده فى نصف إشكالياته ومنها موقفه من الصهيونية  والمحرقة المزعومة وبرنامجه النووى ونختلف معه بشدة أيضاً فى النصف الآخر والمتمثل فى سعيه لتصدير الثورة الى جيرانه العرب  فى الخليج لاسيما العراق التى استعملها كرهينة بالمشاركة مع الاحتلال الأمريكى لإملاء إرادته علينا.
ولكل ذلك تثور تساؤلات لدى الشعوب العربية حول الأسباب التى تدفع إيران للتضحية بكل روابطها العربية مقابل سعيها لالتهام العراق؟ وكيف ترضى أن تصبح فزاعة الخليج العربى مقابل الرضاء الأمريكي الذى لا يمل ولا يكف عن اختلاق الفزاعات الوهمية لابتزاز هذه الإمارات رغم انه اخذ منها  ما ينوء عن حمله أولوا القوة وافترش أرضها طولا وعرضا بقواعده العسكرية
لماذا دفعت إيران بميليشيات حزب الدعوة الايرانى المنشأ والجذور والوسيلة والشخوص والغاية والأهداف لكى يعتلى حكم العراق المذبوح أمريكياً وعبر جسر بناه أكثر من مليونى شهيد وخمسة ملايين مشوه وستة ملايين لاجىء من إجمالى شعب لا يتجاوز عدد سكانه 25 مليونا؟
 ولماذا دفعت أيضاً بميليشيات أخرى مثل بدر الإجرامية وجيش المهدى ليمارسا دور المعارضة رغم أن الجميع وتحت المظلة الأمريكية  صاحب توجه ايرانى ويرتكبون الفظائع عنها بالوكالة.
انه وبصدق فإن الشعب العربى لا يكن العداء لإيران ولكنه فقط يطلب منها أن ترفع يدها عن العراق وان تتركه لشعبه ومقاومته الباسلة ليحددا مصيره,وأنا اعتقد جازما بأن هذا المطلب لو عرض فى استفتاء على الشعب الايرانى لوافق عليه فورا بأغلبية كاسحة .
نعم.. لا توجد أية خلافات عربية إيرانية عدا ما سبق , أما ما اثير من نزاعات فى الآونة الأخيرة فكلها مجرد أوراق تستعملها النظم الموالية فى معظمها لأمريكا لكى يتمكن أى طرف منهما فى تقديم الآخر قربانا على معبد البيت الأبيض بغية التوريث او غض الطرف رغم أن البيت الأبيض لا يحترم هذا ولا ذاك .
وقبل أن نعاتب نظام الحكم فى إيران فمن الإنصاف أن نعاتب نظم حكمنا العربية التى ناصبت إيران العداء ليس لكونها شريكاً فى مأساة العراق - وذلك لكون تلك النظم متورطة أيضاً وبشكل جدى ومخز فيها - ولكن مجاملة للاحتلال هناك من أجل أن ينال هو وليست هى - أى إيران- الجزء الأكبر من الكحكة المعجونة بدماء الأبرياء.
إننى قد لا أكون مبالغا لو قلت أن إيران لو قررت باكرا رفع يدها عن العراق وسحبت ميليشياتها الحاكمة منه وكشفت عن أسماء مئات الآلاف من الإيرانيين الذين تجنسوا بالجنسية العراقية بغية الإخلال بالتوازن العرقى بما فيهم نحو 56 ألف عنصر أمنى ومخابراتى لغفر العرب لها خطاياها وأدانوا حكامهم الذين يساعدون الاحتلال سرا وعلانية ولأسقطوا عنهم أقنعتهم الزائفة بوصفهم شركاء أصليين فى الجريمة وهو بالطبع ما يبرئ ساحة إيران مما يعد اكبر دعاية لها فى العالمين العربى والإسلامى.
فنحن بحق فى حاجة إلى إيران القوية من أجل إحداث التوازن فى المنطقة مع الكيان الصهيونى وفى ذات الوقت نريدها أن ترفع يدها عن عالمنا العربى لا أن توجه تلك القوة ضدنا ’اى نريدها معنا وليس علينا, وهو الأمر الذى نعتب على نظم حكمنا  فى عدم سعيها إليه..
وقبل أن أنهى حديثى لا يمكننى إلا أن أنبه إلى أن العراق الذى ضحى بالملايين من أبنائه لن يتحرر إلا على يد مقاومته الباسلة بكل فصائلها سنة وشيعة وأنه ليس قاصرا وليس فى حاجة لدعم أى نظم تخلت عنه سواء أكانت عربية أو إيرانية أو عالمية
******
18 اغسطس 2010
في فهم حقبتنا التاريخية
من أصعب فترات التاريخ فترة "اللاشيء ", وهي الفترة التي عادة ما تكون طويلة جدا زمنيا ومهملة وتافهة للغاية حدثيا وفكريا وهي أيضا الفترة التي عادة ما يقفز فوقها المؤرخون ليذهبوا الي الفترات ذات الفعالية بعدها أو قبلها.
ومن إعراض فترة "اللاشيء" أن بطولات أبطالها بالغة الصغر لدرجة لا يمكن معها رؤيتها بالعين المجردة , وربما لم تكن موجودة أصلا , والمدهش أن أبطالها يبذلون الغالي والنفيس لإنجازها ولذلك هم يعدونها من عظائم الأعمال ومعجزات التاريخ , والأكثر دهشة .
في تلك الفترات يصبح مبرراً ومعتادا ضياع الجميع في صمت ضحايا لها , ومع ذلك يبقي من أصعب صفاتها أن العذابات فيها قاسية للغاية بما لا يتناسب مع تفاهة "اللاشيء" الذي تذخر به.
وأنا اعتقد أن تعاسة الإنسان منا - نحن بني البشر - أو سعادته يقع جزء كبير منها علي العصر الذي خلق فيه , فإذا كان الواحد منا مبدعا أو مفكرا أو حكيما سيصبح من المفيد أن يكون قد خلق في زمن مهم , لأنه في الأزمان المهمة ينقب الناس عن المفكرين والموهوبين ليستفيدوا أعظم الاستفادة منهم ولكي يعطونهم حقهم من التقدير والإجلال , أما في الأزمان غير المهمة فان الناس ينقبون عن المفكرين والمبدعين ليشبعوهم قتلا أو سجنا وذلا وفقرا وتحقيرا وذلك لأن الحاكم المستبد يسعي جاهدا إلى تجهيل وتغريب شعبه - كما بقول عبد الرحمن الكواكبي في طبائع الاستبداد.
اعذروني يا سادة .. لو قلت لكم إنني اعتقد إننا كعرب نعيش في حقبة تاريخية تافهة من حقب "اللاشيء " وان كاتبا محترما للتاريخ سيقفز متجاوزا الخمسين عاما الماضية - مع ما يضاف إليها مستقبلا - دون أن يكتب حرفا واحدا عن العرب , وان كتب فلن يعرفها إلا "بحقبة الانحطاط والاضمحلال العربي".
اعذروني لو قلت إنها أزمنة ضحي العرب فيها بالعرب , من اجل استمرار "اللاشيء", هي فترة تآمر فيها العرب علي فلسطين حتي تأكدوا من ضياعها , مدينة مدينة , وحارة حارة , وراحوا بعد ذلك يقلبون المفاهيم فأطلقوا علي الخيانات دهاء الساسة والسياسات , واعتبروا التبلد والبرودة دبلوماسية , ولقبوا الهزائم بالتضحيات , وما إلى ذلك , مع أن من يمتلك ولو ادني توثيق تاريخي سيدرك بلا ريب أن فلسطين قدمت قربانا لاستمرار ملوك فوق العروش .
وليت الأمر انتهي , حيث استمروا في تقديم القرابين لغول لا يشبع , فما أن فرغوا من تقديم فلسطين حتي شرعوا في ذبح العراق وراحوا جميعا بكل جد وإخلاص في تجفيف منابع الحياة لها طيلة 20 عاما - 13 للحصار و7 بعد الاحتلال - حتي سقطت حاضرة الرشيد قربانا جديدا عظيما من اجل استمرار البقاء علي تلك الكراسي.
ومن ضمن مسلسل القرابين الذي لا يجيد ساسة العرب شيئا سوي الاستمرار فيه في ظل حقبة "اللاشيء" التافهة , الوقوف علي مشارف انفصال وتفتت السودان , والسعي لتقسيم اليمن السعيد الذي لم يكن سعيدا في تلك الحقبة.
قد يخالفني أحدكم الرأي - ويطرح رؤية أخشي طرحها وان كنت لا استبعدها - بأنها ليست أزمنة تافهة ولكنها علي النقيض هي شديدة الخطورة والأهمية , وإنها بمثابة مفصليات في جسد التاريخ تتحكم في توجهه لينتصر لكل رذائلنا ونقائصنا ونصبح أمة مهددة حقا بالزوال والانقراض كأمم كثيرة خلت من قبلنا.
بصراحة صارت الأخطار والمؤامرات المحدقة بالأمة العربية لا تعد ولا تحصي ولأن تيار المقاومة ينحسر فموجة العدوان الخارجي تزداد شراسة والنظم - أو اللانظم - الرسمية تزداد انبطاحا وتنازلا لدرجة جعلتها مجردة من كل إمكانية للمساومة علي التنازل.
لقد صرنا امة مهددة في كل شيء بدءا من الثقافة إلى الاقتصاد مرورا بالإدارة والقوة , امة تفتقد لكل مقومات البقاء والاستمرار.
ومهما كانت تلك الحقبة التاريخية شديدة الأهمية إلا إنها قطعا حقبة غير معتادة , استعمرت فيها بلادنا عسكريا وقاومت وتحررت ثم عاد الاستعمار إلينا عبر وكلائه من بني جلدتنا والأقطار التي خلت من الوكلاء استعمرت عسكريا , لدرجة صار فيها الحكم مرادفا للانبطاح والموالاة لأمريكا وربما إسرائيل.


المنصور 14 نوفمبر 2010
أيها الشهيد العظيم .. أطلت قامتنا
في يوم استشهادك,أطلت قامتنا, وكعادتك , لم تخذلنا قط , فلم تضن علينا أبدا ولو حتي بروحك الطاهرة الأبية,  فعشت رجلا في زمن تسيد فيه المخنثون والأشباه والاتصاف , ومت بطلا في زمن استولي عليه القرود والأقزام.
عشقت عروبتك فعشقتك, تمسكت بشيم الأولين فتنفست شجاعة عنتر وشهامة المعتصم وجود حاتم وعدل عمر وصدق الصديق ووراعة وحكمة علي ومت كما مات جدك الحسين وعلي.
فما أشرف أن نحيا كما حييت وما أقدس أن نموت كما مت,عشت رمزا لكل عربي صادقاً ومت مبرهنا علي عظمة الإيمان بالإسلام.
أيا صدام, يا صقر العرب ,بل يا صقر العروبة نم في جنتك قرير العين ,فلعاصمة الرشيد التي أسقطتها الدسائس رجال ما هدأت لهم عين ولا غمض لهم جفن حتي يكملوا مسيرة تطهيرها من الأزلام تطهيرا كما طهرها أسلافهم من المغول والإنجليز , وهو أمر لا نشك قط أنه آت لا محالة وأن سوط العدالة وزمجرة البنادق سيمزق هذا الظلم والإجرام.
فلقد جعلت يا أبا الشهيدين قوميتنا - وأنت فاديها وابنها البار-تتباهي بنبتها الطيب أمام كل قوميات الدنيا , فتضاءل أمام فدائك فداء ديجول فرنسا وماوتسي تونج الصين وتشي جيفارا اللاتيتي ولومومبا الإفريقي وهتلر الألماني وبوليفار الكولومبي وسبارتكوس الإغريقي.
ورحت تتقدم الصفوف مع رفاقك وأحبابك كيلاني العراق وعرابي وناصر مصر وعبد القادر الجزائري ومختار ليبيا وسلال اليمن ومهدي السودان وكل رموز فدائنا في أقطارنا العربية.
فتحية لك أيها الشهيد العظيم الذي وقف أمام حبل المشنقة فلم يرتجف ورفع رأسه العربية وهزأ منها فقالها عالية "هذه الأرجوحة للرجال""..
تحية لرقبتك الكريمة التي التفت حول حبل المشنقة .. وتحية موازية لرجال المقاومة العراقية سنتها وشيعتها قومييها وإسلامييها واشتراكييها الي أن يطردوا شراذم الأمريكان والإيرانيين وحكومتهما المختلطة العميلة .
أيها الشهيد العظيم ،استشهدت دفاعا عن الأرض والعرض والدين فحقت لك الولاية ، واجتزت اختبارا راهن الضعفاء علي رسوبك فيه - وأنت الذي ما رسبت قط - فلم تجتازه فحسب بل جعلته شهادة لك يخلدها التاريخ وتتناقل حكاياتها الأجيال بكل فخر، جيل بعد جيل.
وصموك بكل ما لم يستطيعوا ان يفهموه فيك ، لأنهم يفتقدونه ، وفاقد الشئ لا يعطيه ، فقالوا عن حزمك طغيانا ، وشجاعتك وإقدامك ديكتاتورية ، وعدالتك تسلطا ، وحبك للعروبة سفها ، ورفضك للخنوع تهورا ، وعدم خيانتك لوطنك غباء ..
فحمتك مشيئة الله من كل ما كادوه لك ، وما رسموه حولك من أكاذيب ، ورصدوا في سبيل ذلك - كما نشرت صحف غربية وأمريكية - نحو نصف تريليون دولار ، فذهبت الرشي للقاصي والداني واخترقت كبريات وسائل الإعلام في العالم حتي انتهت بصحف بئر السلم ، إلا أنه رغم كل ذلك كان أولوا التدبير هلكي ، وراح شعاع الحقيقة يخترق الظلمة ضعيفا حتي هزمها ، فأخذت في التلاشي.
فها هو قاضيك يستقيل من المحكمة ويقول للعالم إنه يفخر بأنه كان مواطنا في بلد يحكمه صدام حسين وان هذا الرجل برئ من كل ما نسب إليه .
وها هم اللصوص ، الذين انبريت بكل شهامة ومروءة في محاربتهم في حملة الأنفال ، ينهشون العراق لحما وعظما ودما ، ويحكمونه بالتفجيرات والأباتشي الأمريكية والمليشيات الإيرانية ، وها هم أبناء العراق النشامي ونساؤه الماجدات الآن ينتظرون في لهف ولادة صدام حسين جديد يقود العراق للتحرر من العصابات الحاكمة والميلشيات الإيرانية والمارينز الأمريكي الذي قتل مليوني عراقي بحسب إحصاءات فرنسية ومليون عراقي بحسب تصريحات للسفير الروسي في قطر.
ندرك يا سيادة الرئيس الشهيد أن إيران فرضت علي العراق حربا في الماضي فخضتها ولكن هذا لم يكن يدركه من قبل إلا القليلون.
وندرك إنكم براء مما نسبوه لكم زورا في قصف قرية حلبجة الكردية بالسلاح الكيماوي وها هي صحف غربية تؤكد أن إيران هي من قصفت تلك القرية وقتلت نحو 3500 شخص .
ندرك أنك لم تخض حربا إلا دفاعا عن بغداد لا واشنطن ، والجميع في بلادنا يخوضون حروبهم دائما بالوكالة عن أمريكا وإسرائيل .
وندرك ان الكثيرين من حكام العرب كانوا يغارون من شجاعتك فتأمروا عليك والآن انكشف كيدهم وانفك سحرهم وصاروا سوءة في تواريخ بلدانهم.
ندرك يا سيادة الشهيد أن المقاومة العربية في فلسطين خسرت فيكم أبرز مقاتليها وأكرم مانحيها واخلص الناس فيها .
جعلت من العراق كل بلاد العرب والتقي في بغداد كل من تقطعت بهم السبل في أوطاننا ، فالضعفاء في كل أرجاء الوطن العربي هم رعايا لك يحجون الي عاصمة الرشيد ليحتموا بها ولتقوي هي بهم.
كل يوم ينكشف المزيد والمزيد من دلائل عظمتك حتي صار لا يجهل سموك إلا اعمي ولا يسمع صوتك إلا أصم.
تقبل تحياتنا ودعواتنا لله لك بالفردوس الدائم مع الصالحين.
****
24 نوفمبر 2011
وهم دولة العراق الاسلامية
فى نهاية شهر يناير من مطلع العام 2010 , نقلت وسائل الإعلام المحلية العراقية والدولية أنباء عن قيام طائرات تابعة للاحتلال الأمريكى بإلقاء منشورات موقعة باسم"دولة العراق الإسلامية" فى مناطق واسعة مما يسمى - طبقا لتقسيمات الاحتلال - بالمثلث السنى , تحذرهم من الخروج للتصويت فى هذا اليوم, ونقلت الصحف ووكالات الأنباء هذه المعلومات إلا أنها خمدت بشكل مفاجئ فيما بعد.
وفى كتابه "وكلاء الرعب فى الإسلام" كشف البروفيسور "جوزيف مسعد" المدرس  بجامعة كولومبيا عن العديد من تفاصيل تعمد بعض الشخصيات الذين وصفهم بوكلاء الإساءة للإسلام نسج الحكايات وبث الأفلام التى من شأنها تحقيق هذا الغرض مؤكدا علاقة هؤلاء الأشخاص بالصهيونية.
وممن كشف "مسعد" عن شخصيتهم شخص يدعى "ستيفن ايميرسون" وهو ينحدر من عائلة يهودية بنيويورك وقال انه رجل استمر طيلة عقدين من الزمان ينسج الأباطيل ضد المسلمين محاولا إظهارهم بمظهر الإرهابيين.
وقال إن "ايميرسون" قدم عام 1993 للإعلام الأمريكى فيلما وثائقياً أسماه "الجهاد فى أمريكا" حرض فيه بشدة ضد المسلمين حتى سقط العديدون منهم قتلى فى هجمات عنصرية , بل وراح وبعيد تفجيرات "أوكلاهوما" بدقائق يظهر على شاشات التلفزة الأمريكية ليخبر الجميع انه حذر من هجمات للإرهابيين المسلمين من قبل , ولم يكترث أحد , حتى حدثت هذه الجريمة التى كان يعلم بكل تفاصيلها , واكتسب شعبية كبرى لم يمحها إثبات تورط أمريكيين اثنين من غير المسلمين فى تلك التفجيرات , وفى 1998 نشرت كبريات الصحف الأمريكية ما قالت إنها معلومات يقينية عن نية باكستان ضرب الهند بالقنابل النووية وراحت تقدم رجلا قالت إنه عالم نووى باكستاني يدعى "افتخار خان" ووصفته بأنه مصدر تلك المعلومات إلا أنه فى لقاء مع علماء ذرة أمريكيين انكشف أمر "افتخار خان" حيث اتضح انه يجيد الكذب ولا علاقة له بالذرة وما هو إلا لاجئ يضمر العداء لإسلام أباد  وقد قدمه للإعلام الأمريكى "ايميرسون" ذاته.
ومن أكاذيب "ايميرسون" أنه ادعى فى شهادته أمام لجنة فرعية من لجان الكونجرس الأمريكى بأنه تلقى تهديداً من إرهابيين مسلمين بالقتل وراحت الاستخبارات الأمريكية تحقق فى الأمر بجدية فاكتشفت زيفه كالعادة.
وذاع صيت "ايميرسون" وبدأت حبكته المتقنة فى الكذب تلقى اندهاشا من أوساط الإعلاميين الأمريكيين الذين رأوا أنه بكذبه قد نبههم إلى خطر محتمل حقيقى , وقامت الجيروزاليم بوست الصهيونية تكشف عن علاقة "ايميرسون" بالموساد الصهيونى.
وتأتى بعد "ايميرسون" شخصية أخرى أشد اتقانا للكذب وتدعى "ريتا كاتز" وهى يهودية تنتمى للبصرة العراقية وقد أعدم والدها مع 14 شخصا اخرين بينهم 9 يهود فيما برىء 7 يهود آخرين بتهمة التجسس لحساب الكيان الصهيونى وذلك فى 27 يناير 1969 وهربت وعائلتها الى إيران ومنها إلى أمريكا.
ارتبطت ريتا بعلاقة وطيدة مع "ايميرسون" فيما كانت تعمل فى مركز يدعى "مركز الأبحاث الإعلامية للشرق الأوسط" ويرمز له اختصارا  بـ"ميمورى" وهو مركز يقول أن من أهدافه مراقبة الإعلام فى الشرق الأوسط ويرأسه شخص يدعى"ايجال كرمون" وهو ضابط استخبارات إسرائيلى تربطه علاقة وطيدة بديك تشينى نائب الرئيس الأمريكى السابق جورج دبليو بوش.
والمدهش أن "ميمورى" افتتحت فرعا لها فى شارع "أبو نواس" ببغداد مع قدوم الاحتلال اليه رغم خطورة الأوضاع الأمر الذى يتنافى مع مهمة مراقبة الإعلام فى بلد لم يكن تعمل فيه أجهزة الإعلام بسبب الحرب.!
والسبب فى خطورة "ريتا كاتز" والتى افتتحت مركزا مستقلا لها أسمته  s.l.t.e"" أو"سايت انتيلجانس جروب" أنها كانت تتقن التزييف وترتبط بثقافة الإسلام لكونها فتاة بصراوية وينسب إليها  إنشاء تنظيم "دولة العراق الإسلامية" على الشبكة العنكوبتية والتى تلقفت وسائل الإعلام أخباره دون تمحيص حتى صار حقيقة لا تقبل الشك عند بعض الناس رغم ان  الـ"الآى بى" الذى كانت ترسل منه بيانات " دولة العراق الإسلامية " هو ذاته الـ"الأى بى" الخاص بشركة "ميمورى" لمراقبة الإعلام .
وقد كانت من اكثر فضائحها أنها قامت ببث شريط للشيخ أسامة بن لادن قبل أن يبثه موقع القاعدة نفسه.
وكتب "جوبى اريك" الصحفى فى الواشنطن بوست الأمريكية فى 10 اكتوبر 2007 مؤكدا ان التسجيل الذى نسب إلى زعيم تنظيم القاعدة فى اليوم السابع من شهر سبتمبر الماضى وحث فيه الأمريكيين على اعتناق الإسلام متنبأ بفشل الحرب على العراق وأفغانستان هو تسجيل صادر من "سايت انتيلجانس جروب" لمؤسسته "ريتا كاتز" والتى سارعت حينئذ بإخبار الجميع أنها سرقت الفيديو من موقع القاعدة عبر قرصنة اليكترونية وقبل بثه رسميا.!! بالطبع .. عذر غير منطقى اقبح من ذنب غير مغفور.
وفى حوار أجرته صحيفة "المصرى اليوم " المصرية بتاريخ 21 نوفمبر 2010  , كشف عبد السلام ضعيف أنه سمع بنفسه من الشيخ أسامة بن لادن نفيه القاطع عن علاقة القاعدة بهجمات سبتمبر الأمريكية  وذلك فور وقوع تلك الهجمات.
فيما نشرت مراكز بحثية غربية متعددة أبحاثا أكدت فيها براءة القاعدة من هجمات سبتمبر الأمريكية واختصت الاتهام بالموساد الاسرائيلى نفسه وبعض القوى الأمريكية ومن تلك  الموقع موقع يسمى  Press Pakalert وهو مركز دراسات أميركي يعنى بالملفات الساخنة التي يعيشها العالم، والقضايا الكبرى على المستويات الأمنية والسياسية حيث نشر ذلك فى ديسمبر 2010 الماضى.
وأكَّد تقرير للمخابرات الألمانية "أن الموساد الإسرائيلي لم يكن على علم بهجمات 11 سبتمبر فحسب، وإنما شارك في وضع الخطط لتنفيذها"، وجاء في التقرير الذي نُشر على موقع "تيير نيوز أورج الألماني" أن الإسرائيليين حذَّروا الأمريكيين من احتمال حدوث الهجمات، ولكنهم لم يُطلِعوا الأمريكيين على مكان وزمان الهجوم اللذين يعرفهما الموساد الإسرائيلي بدقة تامة، وأشار التقرير الألماني إلى أن عددًا من أجهزة الاستخبارات الغربية لا سيَّما الفرنسية والألمانية والروسية حذَّرت الإدارة الأمريكية من الهجمات، ولكن بوش وتشيني ومسئولين آخرين تجاهلوها.
وكان موقع "دات ريلي هايند" الأمريكي قد كشف في وقت سابق من هذا التقرير عن أن خمسةً من عناصر الموساد الإسرائيلي اعتُقِلوا في يوم الحادث عندما كانوا يشاهدون انهيارَ الأبراج المستهدفة مبتهجين، وأضاف الموقع أن شبكة تجسُّس تابعة للموساد قامت بتصوير لحظة اصطدام الطائرات ببرجي مركز التجارة في نيويورك بالكامل، وتبين فيما بعد أن الشبكة كانت قد أَعدَّت كاميرات خاصة صوب الأبراج لتصويرها بدقة، وكان بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي وقتها قد اعتبر أحداث سبتمبر بعد وقوعها بأنها تخدم المصالح الإسرائيلية.
أما الكاتب الفرنسي الشهير "إريك لوران" فقد أكَّد من جهته في الفصل السابع من كتابه "عالم بوش السري" أن إسرائيل كانت حاضرةً بقوة في أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 بقدر ما كانت وراء حرب العراق.
بدوره أكد الكاتب البريطاني "آيد تونر" أن هناك دلائل قاطعة تشير إلى أن الموساد الإسرائيلي كان على علم بهجمات 11 سبتمبر التي استهدفت مركز التجارة العالمي ومبنى البنتاجون"، وأضاف موضحًا: "لقد نشرت صحيفة الجيروزالم بوست الإسرائيلية في اليوم التالي للهجمات تقول إن وزارة الخارجية الإسرائيلية تسلَّمت أسماء أربعة آلاف إسرائيلي يعتقد أنهم كانوا في مبنى مركز التجارة العالمي قبل وقوع الهجمات".
ويقول الكاتب الأمريكي "ديفيد ديوك" المرشح السابق للرئاسة الأمريكية في مقالٍ نشره على موقع الإنترنت الخاص به ردًّا على التساؤل حول دور إسرائيل في الهجمات: "إن خبراء مركز الأبحاث والدراسات العسكرية في الجيش الأمريكي يقولون: إن الموساد لديه القدرة على توجيه ضربات لقوات ومصالح أمريكية وجعل الأمر يبدو على أنه من تدبير فلسطينيين أو عرب"، ويضيف: أنه من السخرية أن يهاجم مركز التجارة العالمي بعد أربع وعشرين ساعة من نشر هذا التقرير.. فهل للموساد يدٌ خفية في هذا الهجوم؟!
ويرى الكاتب ديوك أن الموساد تمكَّن من اختراق ما يعتبر أخطر منظمة إرهابية في العالم، ألا وهي القاعدة.. ويتساءل: هل من المنطق في شيء ألا يكون لدى شبكة الموساد الواسعة الانتشار أي علم مسبق بأكبر عملية إرهابية في التاريخ؟!
ويجزم الكاتب بـ"أن الموساد كان على علم بالأمر.. وربما ساعد الموساد وحرض من دبَّر الهجوم، لأنه رأى في مقتل الآلاف من الأمريكيين ما يخدم مصالح إسرائيل".
وتعزيزًا لنظرية "ديوك"، أكَّد عضو البرلمان الألماني آندرس وون -بولو "أن إسرائيل هي التي تقف وراء الأعمال الإرهابية -عن صحيفة هآرتس"، وبينما أشارت تقارير عديدة استنادًا إلى صحيفة هاآرتس أيضاً إلى "أن موظفي شركة ستارت-إف الإسرائيلية تلقَّوْا رسائل تحذِّرُهم من الهجوم قبل وقوعه بساعتين تقريبًا"، وعرض ثَرِي أمريكي يدعى "جيمي وولتر" مكافأة مالية تتجاوز ثلاثة ملايين دولار لمن يُثبِت عدم تورط الإدارة الأمريكية بهجمات سبتمبر.
أما "راي ماكجافرن" وهو مسئول سابق في جهاز الاستخبارات الأمريكية فأعلن من جهته أمام عددٍ من أعضاء الكونجرس: "أن أمريكا ذهبت إلى الحرب على العراق من أجل النفط وإسرائيل؛ كي تتمكن من الهيمنة على ذلك الجزء من العالم".
هذا غيض من فيض , نحن لا ننكر وجود تنظيم القاعدة ولا اشكك فى جهادية الشيخ أسامة بن لادن والدكتور ايمن الظواهرى وغيرهما ولكن أخشى ان ينسب إليهما ما ليس فيهم , وان يستعملا كمعاول للهدم لا للبناء , خاصة مع انه فى كل مرة تنتشر حقيقة براءة القاعدة من هجمات سبتمبر نفاجأ بشريط يؤكد أن القاعدة هى من نفذته, أليس بتلك الشرائط تعطى الذرائع لقتل ملايين المسلمين فى كافة إنحاء العالم تحت مسمى "مكافحة الإرهاب".
إذا أرادوا تدمير العراق قالوا ان هناك علاقة بين صدام والقاعدة وتخرج علينا التسجيلات التى تؤكد ذلك , وإذا أرادوا تقسيم اليمن ظهرت الطرود المفخخة وتصدير الطابعات الحديثة من "اليمن" الى "أمريكا" ,وإذا أرادوا جعل البحر الأحمر بحيرة مغلقة للأساطيل الأمريكية والصهيونية ظهر القراصنة الصوماليون , واذا أرادوا إرهاق مصر بالتفجيرات  والفوضى هددت "دولة العراق الإسلامية" بتدمير الكنائس المصرية وتحرير فتيات مسلمات تقول إنهن مختطفات فيها , مع انه كان أولى لهذا التنظيم تحرير العراق لا مصر.
لقد جزم لى أيمن الفايد المستشار السابق للشيخ أسامة بن لادن فى حوار أجريته معه -نشرته الأسبوع اون لاين -أن تنظيم دولة العراق الإسلامية هو مجرد وهم استخباري,وان القاعدة نفسها مرت بثلاث مراحل وهى الـتأسيس ثم الثبات والانتشار ثم الانحسار والاضمحلال,ولكن على ما يبدو أن هناك- بحسب قوله–جهات تسعى لاستعادة السمعة التى حظى بها تنظيم القاعدة من اجل التبرير لأعمال إجرامية واستعمارية ضد الشعوب الإسلامية فيما يسمى بالمرحلة الرابعة من مراحل تنظيم القاعدة. المهم فالتفاصيل تأخذني دون قصدي  بعض الأحيان , ولكن لكل مقام مقال .. فقد هاجمنى بعض الأشخاص على تقرير كتبته يؤكد عدم وجود تنظيم "دولة العراق الإسلامية" واعتبروا هذا النفى تبريرا للإرهاب الذى سأكتوي – لاشك – بناره , ولست أدري طالما كانت النوايا سليمة فماذا يضيرهم أن أطمئنهم بعدم وجود هذا التنظيم الذى هددهم أم أنهم يريدونها دائما "ساخنة".!!
******
محيط – 9يناير 2011
سوق الشماعات
لأشد ما يصيبني بالدهشة أن أجد مثقفا مصريا أو عربيا لا يؤمن بأن أمتنا مستهدفة ’ مع أن فلاحا بسيطا في حقل ناء في أي من بلداننا العربية استطاع أن يدرك ذلك بجلاء , وذلك لأن أمتنا فعلا في مرمي نيران العدوان الناعم وأحيانا العسكري.
وحينما حدثت تفجيرات كنيسة القديسين بالإسكندرية وراح ضحيتها الأبرياء من المصريين – مسيحيين ومسلمين – خرجت الأبواق تفتي بأن أصابع الاتهام تشير إلى تنظيم القاعدة مع أنني غير مقتنع بالمرة لهذه التحليلات حتي لو خرجوا علينا بشريط لأسامة بن لادن نفسه وقال إن تنظيمه هو من نفذ التفجير.
وعلة ذلك أنني اعتبر أن من يذهب إلى هذا المذهب فإنما يهدر دم الضحايا ويقيد القضية برمتها ضد مجهول والشاطر يذهب ليلقي القبض علي أعضاء هذا التنظيم "الهلامي".
ليس ذلك فحسب ولكن علينا أن نتساءل , إذا كانت القاعدة هي التي قامت بتنفيذ تلك الجريمة التي لا يرضاها الإسلام التي تقول إنها تحمل لواءه فما مصلحتها إذن - إذا كانت تريد بمصر الخير - من هذا التفجير الذي لم يفرق بين مسلم ومسيحي؟
ثمة تساؤل أخر , هل استطاعت القاعدة أن تنتصر علي خصومها التقليديين المعلنين كأمريكا خاصة والغرب عامة حتي تفتح جبهات قتال جديدة ضد أبناء الوطن ؟ وإذا كان الأمر كذلك فمن ذا الذى يقتص منها ويثأر للأبرياء رغم أن أمريكا والغرب والعالم أجمع تقريبا – طبقا للمعلن - حاول النيل من هذا التنظيم ولم يفلح.
بل إنه تحت شعار تعقب تنظيم القاعدة , احتلت الولايات المتحدة العديد من بلداننا وقتلت الملايين من المسلمين الأبرياء في أفغانستان والعراق والصومال وباكستان واليمن وغيرها, ونهبت ثروات تلك البلدان وبلداننا الأخري, واعتدت علي الحرمات والمحرمات وأسقطت الحضارة الإنسانية تحت قذائفها الثقيلة المخضبة باليورانيوم المنضب .. فهل يعقل أن تستمر جماعة من المسلمين في المضي بارتكاب الحماقات ضد الأهل ولم تسجل انتصارا واحدا ؟.. أنا لا اعتقد.
الحقيقة .. واضحة .. تنظيم القاعدة هو الشماعة التي تبرر أمريكا بها جميع جرائمها .. لقد صنعت عملاقا من وهم وأخذت تخوف الناس منه حتي خافته هي نفسها وهناك ما يبرهن علي أن الولايات المتحدة هي التي صنعت هذا الكيان وهو ما تناولته بعض وسائل الإعلام الغربية علي حياء كما أشرت إليه في مقال سابق بعنوان " وهم دولة العراق الإسلامية " ولا داعي لتكراره.
والآن دعوني أكون صريحا , فأنا متعصب للرأي القائل بأن هناك مؤامرة ضد بلداننا , بل إنها ليست مؤامرة فحسب بل هي مؤامرة كبري وأزلية منذ أن خلق الله العرب عربا والروم روما والعجم عجما , وما تناوب المستعمرون علي بلداننا العربية عامة ومصر خاصة إلا تفسير ظاهر وسهل الإدراك لتلك المؤامرة.
وما مقولة ارنست رونان في خطابه الافتتاحي عام 1862 في الكوليج دي فرانس حول نصيب الشعوب السامية في تاريخ الحضارة بأن "" الشرط الأساسي لتمكين الحضارة الأوربية من الانتشار هو تدمير كل ما له علاقة بالسامية الحقة ’ تدمير سلطة الإسلام الثيوقراطية لأن الإسلام لا يستطيع البقاء الا كدين رسمي وعندما يختزل إلى وضع دين حر وفردي فإنه سينقرض ’ وان هذه الحرب الدائمة لن تتوقف إلا عندما يموت آخر أولاد إسماعيل جوعا أو ينبذه الإرهاب في الصحراء مكانا قصيا"".
إنه اعتراف واضح بأنهم يستهدفوننا شئنا أم أبينا ليس لجرم ارتكبنا, ولكن لأننا نحن نحن , أحفاد الفاتحين الأوائل للدنيا وما عليها وما فيها وما بها.
هاهو نابليون بونابرت يوصي جنوده ويعلمهم أصول الجغرافيا السياسية أو "الجيو بولوتيكا" ويقول "إن من يريد أن يسيطر علي الشرق يبدأ بالقاهرة فهي بمثابة القلب في الجسد" وهاهو الزعيم النازى أدولف هتلر يرسم خريطة العالم ويقول إن فيها مثلثا رأسه في برلين وضلع من قاعدته في القاهرة من يمسك أضلاعه أمسك بالعالم.
وها هي جانيس تيري تعد دراسة بعنوان "صورة الشرق الأوسط في الرواية الأوربية المعاصرة " والتى نشرت في كتاب إدموند غريب "الصور المنقسمة" تكشف عن العديد من أمثلة الاستهداف والتشويه المتعمد للإسلام والعروبة .
ويذكر الباحث د. زياد أبو غنيمة تشويهات دائرة المعارف البريطانية للإسلام والعرب فيقول إن الموسوعة تعّرف محمدا "عليه الصلاة والسلام " بأنه "زعم" بكونه نبياً مرسلاً من الله وأنه أعظم الأنبياء وأن المسلمين يعبدونه فيما تصف الموسوعة الفرنسية الرسول الكريم بأنه " قاتل ودجال وخاطف للنساء وأكبر عدو للعقل البشري ".
ويصف معجم وبستر الامريكي الإنسان العربي بأنه رجل حيواني وشهواني وقاتل وماكر ومخادع وزير نساء ومتشرد ومتسكع وغبي وفوضوي" وغيرها من المفردات التي لا تليق إلا بحيوان.
بل الغريب أن موسوعة "تاريخ الجنس البشري وتقدمه الثقافي والعلمي" والتابعة لمنظمة اليونسكو تعّرف الإسلام بأنه "تركيب ملفق من المذاهب اليهودية والنصرانية بالإضافة إلى التقاليد الوثنية العربية التي أبقي الإسلام عليها كطقوس قبلية فجعلها أكثر رسوخا في العقيدة".
إذن .. فعالمنا العربي مستهدف نظرا لطبيعته الجغرافية من جانب ولكونه يمثل التربة الثقافية الخصبة التي نبتت فيها البذرة الأولي للإسلام حتي ساد العالم من جانب آخر.
ولا يخفي علي متعمق أن يري أن رداء الإسلام في الأصل رداء عربى ’ ولا يخفي عليه ملاحظة أن تناوب الاستعمار تاريخيا علي بلداننا هو وجه من وجوه الاستهداف ليس ذلك فحسب بل أن يلاحظ أيضا أن امتنا العربية هي الأمة الوحيدة التي لازالت أجزاء من أراضيها مستعمرة في فلسطين والجولان ولبنان والاسكندرونة وسبتة ومليلة’ بل إنها الأمة الوحيدة التي يعاد فيها استعمار بلدان تحررت منذ عقود كما هو الحال في العراق.!!
لا أظن أنه لا يزال هناك عاقل يشك في كوننا امة مستهدفة يعاد تخليق الأزمات فيها تخليقا وكأن أقطارنا هي الأقطار الوحيدة في العالم التي تعددت فيها الإثنيات والأديان – رغم بساطتها - مع أن دولة مثل الهند مثلا تحفل بنحو 245 لغة و ألف و652 لهجة ونحو 271 دينا وكذلك الأمر بالنسبة إلي الصين بل إن أى بلد في العالم لا يخلو من التعدد الثقافي الذي يتمتع به عالمنا العربي , ورغم ذلك لم نسمع قط من يطالب بتقرير مصير الأقليات في أمريكا أو الصين أو الهند أو في أى بلد في العالم عدا في بلداننا العربية ’ أليست تلك قرائن للاستهداف ومحاولة للقضاء علينا بالتفتيت والتجزئة والتشرذم؟
أليس عجيبا ان يبحث البعض تحت ذرائع الديمقراطية وحقوق الإنسان عن مواطن الاختلاف بين مكونات كل قطر من أقطارنا ليقوم ببعثها من مرقدها بدلاً من العمل علي إخمادها ؟
ألم تتحول الديمقراطية في بلداننا الي وسيلة للصدام لا الي التعايش , والانزواء لا التكامل والخيانة لا الوطنية ؟
فأي أياد ملعونة تلك التي فجرت صراعا بين السنة والشيعة والأكراد والعرب والتركمان في العراق وهى الفئات التي امتزجت عبر آلاف السنين؟
وأي أياد تلك التي قسمت اليمن جنوبا وشمالا رغم أن الجميع معتدى عليهم ومستهدفون وفقراء؟
وأية أياد تسعي لدق الأسافين بين العرب والأمازيغ في بلدان المغرب العربي - رغم أن الدراسات تؤكد أن الأمازيغ هم عرب يمنيون هاجروا قبل آلاف السنين إلى شمال إفريقيا وأن الامازيغية هي خليط من العربية واللغات الأفريقية القديمة.
ومن الذي بات يحلم بتفتيت السودان حتى رآه الآن يتهاوى فاليوم الجنوب والغد دارفور ولا ندري ماذا يحمل له المستقبل؟
إنني أعيب وبشدة علي الدكتور محمد البرادعي ما نسب إليه من قول بأنه يؤمن بأحقية تدويل قضية النوبة في مصر , ولا أدري كيف استطاع هذا الرجل النطق بهذا المعني وفي تلك الأثناء بالذات ؟
إنني لا أخفيكم قولا إنه بمثل تلك التصريحات التي توقظ الفتن لم اعد أميز بين ما يجب وما لا يجب لقد صارت أسواق الشماعات رائجة في بلداننا نعلق عليها خطايانا وننتظر أين وكيف تأتي الضربة لنا.
******
محيط – 17 يناير 2011
حتى لا تلد الثورة التونسية فأرا ؟
فى يوليو الماضى " كتبت مقالاً بعنوان "صور المساخر فى بلاد المفاخر" تناولت فيه صور المظالم التى ظل يرزح تحت نيرها الشعب التونسى فى ظل حكم طاغيته ’ وتطرقت فى حديثى إلى التواطؤ العام من قبل الإعلام العربى الرسمى والحزبى والخاص تجاه هذا القهر وقلت إن ذلك يرجع لكون طاغية تونس اعتبرها شركة وراحت النقود التونسية تذهب إلى الصحف والصحفيين فى العالم العربى طولا وعرضا فى صورة إعلانات أو إعانات أو حتى رحلات وهدايا  الأمر الذى جعل قطاعا منهم يهلل لكل ما يفعله "بن على" حتى لو كان افتتاح محلا للطرشى!.
أنا فى الحقيقة خائف من تطويق واحتواء الثورة التونسية ’ بل أكاد أقرأ الصورة بكثير من الحذر وقليل من التفاؤل مما يقرأها الكثيرون ’ وأرى أن الثورة المضادة للثورة التونسية قد بدأت فى ذلك اليوم الذى أعلن فيه الوزير الأول محمد الغنوشى نفسه رئيسا للجمهورية رغم أنه أحد أضلاع النظام البائد !.
ورغم عفوية الثورة التونسية المباركة وطاقتها الهادرة المستمدة من شعب تصور العالم أجمع أنه "مات" وشيع "بن على" جثته الى مثواها الأخير ’ إلا أنه فاجأ العالم بأنه ليس ما زال حيا فحسب ’ بل إنه قوى وقادر على دحر قاتليه وإصابة القتلة بالذهول وإيقاظ شعوب العالم العربى أجمع وتأكيد قدرتها على التغيير القسرى.
ولكن ما كان ينقص الثورة التونسية المباركة تلك القيادة الواعية التى تؤطر الأطر وتقيس الأفعال والأقوال أثناء قيادتها الجماهير الغفيرة إلى بر الأمان الذى تحقق فيه الثورة أهدافها كاملة ’ والتى لو تواجدت ما كانت لتسمح لأفراد من حزب "بن على" الحاكم الاستيلاء على الثورة ’ ليستمر ينهش أجساد التوانسة مجددا ويمتص دمهم ’ وبالتالي ستكون الثورة لم تفعل شيئاً سوى أنها غيرت ظلما بظلم وطغاة بطغاة.
إن نجاحاً لأية ثورة يتطلب اشتمالها على عناصر مركبة تبدأ بثورة شعبية وتنتهي بتغيير شامل وهو ما لم يتحقق فى الثورة التونسية التى بدأت بشعبية ولكن لم تحقق التغيير الشامل  ’ ومن تلك العناصر الواجب اشتمالها هى ثورة شعبية وقيادة واعية ونظرية فكرية إطارية ’ ورغم أن الثورة التونسية  تهيأ لها أهم وأخطر تلك العناصر المتمثل فى الحشد الشعبي’ إلا أنها افتقدت للقيادة الواعية حتى ارتضت أن يقودها أشخاص ممن قامت الثورة ضدهم ’ كما افتقدت أيضا للأطر الفكرية الساعية إلى تبنيها وتحقيقها الأمر الذي قد يدفع بعضا من المغرضين لركوب الثورة وتوجيهها إلى أية وجهة يتوجهونها .
كان يجب على الثوار التونسيين أن يقوموا بعقد جمعية وطنية ممثلة من كافة الأطياف الفكرية الرئيسة كالقوميين والإسلاميين والاشتراكيين والليبراليين ’ ويراعى فى أعضاء هذه الجمعية أن يكون مشهوداً لهم بالنزاهة واحتراف "التفكير" لا "التجارة" بالأفكار وعدم التلوث بإغراءات النظام البائد ’ ويبقى عمر هذه الجمعية عامين يوضع فيهما دستور جديد وتلغى جميع الأحزاب والجمعيات والمؤسسات الوهمية التى كانت ترتدى رداء الديمقراطية .
ورغم ذلك فقد أعدت الثورة التونسية بحق واحدة من أهم الثورات فى العالم أجمع ’ وتكاد تعادل فى قيمتها الثورتين البلشفية فى روسيا وهى الثورة التى امتلكت كل مقومات الثورة ’ والثورة الفرنسية وهى التى بدأت كهبة شعبية ثم اكتمل لها ضلعا المثلث حينما وجدت الزعامات والمرجعيات الفكرية.
أما الفرق بين الثورة التونسية وثورة يوليو المصرية 1952 أن الأخيرة بدأت كانقلاب عسكرى ثم بعد ذلك حققت التغيير الشامل الذى تلاقى مع إرادة الجماهير وعبر عنها.
لقد وعدت الثورة التونسية الحالمين بالتغيير فى عالمنا العربى بإمكانية تحقيقه ’ لاسيما أن الجميع جرعوا من نفس الكأس وتهيأت عندهم نفس الأسباب والمفجرات.
وكشفت تلك الثورة عن الأهمية القصوى لمتغيرين تقنين لم تعهدهما أية ثورة سابقة وهما الانترنت والفضائيات ’ فلقد اخترق التوانسة حاجز الإغلاق والصمت المطبق الذى فرضه عليهم نظام الطاغية وراح الانترنت يصبح متنفسا لا يمكن السيطرة عليه فى نقل ما يحدث فى الداخل إلى الخارج وتعريف العالم بوحشية وقمعية النظام التونسى البائد ’ وساهم مع قناة "الجزيرة" دون سواها بشكل فعال فى دعم الثوار وربط الشعور الوطنى التونسى المفتت ’ وإشعار كل تونسى بأنه ليس وحده يقف محتجا ولكن يقف معه كل أبناء شعبه فى كل المدن والمحافظات وتقف معه الشعوب العربية بكاملها من الخارج.
******
المصور 15 يونيو 2011
لماذا ليبيا وسوريا .. وليس الأردن والبحرين؟
حينما انطلقت الثورة العربية فى تونس ومصر واستطاعت أن تغير نظام هاتين الدولتين ، أمل الجميع أن تتمدد تلك الثورة لتزيح كيانات ونظما اتفقت جميعها على الفساد والاستبداد والقمع بأشكاله المتنوعة ،إلا أن بعضها تميز إضافة إلى ما سبق بالعمالة لأعداء الأمة وفتح البلاد طولا وعرضا للقواعد العسكرية الأجنبية الأمريكية سواء أو البريطانية أو الفرنسية فضلا عن علاقات سرية وطيدة مع الكيان الصهيونى.
لقد رجونا أن يبدأ التغيير بتلك النظم الخطيرة علي الأمن القومي العربي والتى انطلقت من بلدانها حاملات الطائرات الأمريكية لتقتل ملايين الأطفال فى العراق وتستبيح أعراض نسائه وتستذل شبابه ثم تتدرج لتزيح النظم الأقل خطرا لكونها لم يسبق لها التعامل مع الكيان الصهيونى سراً أو جهراً كسابقتها، بحسب ما هو متواتر من أحاديث.
إلا أن الثورات العربية أظهرت وجها آخر تسبب فى صدمة الشعور القومى الراغب فى التغيير ، فهى بدأت بقلب نظم الاستبداد ولم تجرؤ على أن تتجاوزها لتغيير نظم  جمعت بين الاستبداد والخيانة الوطنية.
بدأت الثورة فى تونس ومصر وهما نظامان يمثلان حقيقة أسوأ أنواع النظم السياسية فى عالمنا العربي  لكونهما جمعا بين الاستبداد والعمالة لإسرائيل أو أعداء شعوبهما وتحميان  وتشجعان الدول لسلوك نفس المسلك وكان ينبغى أن تتمدد الثورة لتزيح نظام آل سعود الذى أنشأه البريطانيون فى مطلع القرن المنصرم على الأراضى المقدسة ليكون خادما للكيان الصهيوني المزعوم ثم قاموا بإنشاء مندوبية الأردن التى تحولت إلى إمارة ثم مملكة تكريماً لأسرة الشريف حسين وجهودها فى قمع انتفاضة الفلسطينيين وزرع الكيان المزعوم .كنا نأمل أن تزيح الثورات العربية نظام الحكم فى قطر والتى توجد بها أكبر القواعد الأمريكية فى الشرق الأوسط متمثلة فى قاعدة «العديد» وتبعتها قاعدة «السيلية» والبحرين ثم القواعد الأمريكية فى الظهران بالسعودية ثم الكويت التى تحتل القوات الأمريكية ثلثى مساحتها وتتلوها دولة الإمارات العربية وأخيرا سلطنة عمان، إلا أن العالم راح يؤيد الثوار فى ليبيا وسوريا واليمن ويغض الطرف عن الثوار فى البحرين وشرق السعودية والأردن تحت وطأة حملات إعلامية شرسة.نعم..  هناك عبث بالثورات العربية وتوجهاتها، هناك مظاهرات مستمرة منذ عدة أشهر فى بغداد والمنامة، و لم يعرها الإعلام الموجة غربياً أى انتباه يذكر وكذلك هناك مظاهرات فى الأردن وفى الرباط والجزائر جوبهت بقوة شديدة إلا أن عينا لم تر وانتباها لم يلحظ ذلك وإعلاما لم يشاهد رغم أن قضايا الحريات كلها واحدة ولا يجب أن ندعم قضية فى دولة ونهملها فى أخرى.
والسؤال الذى يطرح نفسه: لماذا تستحوذ الثورات فى سوريا وليبيا واليمن على كل هذا الزخم الإعلامى فى حين لم تستحوذ عليه ثورة الشعب العراقى التي أقامت فى كل مدينة من مدنه ميداناً جديدا للتحرير؟
لماذا تناصر السعودية وقطر والكويت والأردن والإمارات الاحتجاجات فى سوريا و«الثورة المسلحة» فى ليبيا وتتجاهلها فى البحرين بل وتدعم النظام اليمني ضد الثوار؟
وهل لهذا التناقض الأخلاقى سبب غير السعى لتغيير الخارطة العربية لصالح التيار الموالى لأمريكا وإسرائيل؟
نعم.. الثورة المصرية سواء أو التونسية هى ثورة وطنية ورأسا الحكم فى هاتين الدولتين عرفا بالاستبداد والعمالة لأعداد الأمة.
 ولكن من يقف وراء تحويل مجرى الثورات نحو سوريا وليبيا واليمن وحال دون وصولها إلى نظم أخرى ترتبط بالحلف الأمريكى ؟
هل ينكر أحدنا أن سوريا دولة لم ترتبط بعلاقة مباشرة من أى نوع مع الكيان الصهيونى أو الولايات المتحدة ، وان كان ثمة علاقة فهي قطعا تتم عبر وسطاء خليجيين ، وما ينطبق على سوريا ينطبق على ليبيا؟
دعونا نخفف من تفاؤلنا تجاه الثورات العربية ونقصر ابتهاجنا بثورتينا المصرية أو التونسية فحسب ، بل إننى اتصور أن ما يحدث فى ليبيا وسوريا ليس إلا محاولة غربية لتطويق الثورتين المصرية والتونسية وإقامة قواعد أجنبية فى بنغازى ، وان تحطيم النظام السورى سينتج عنه تكريس الاستمرار في احتلال العراق وذبح المقاومة اللبنانية والفلسطينية وانهيار مشروع المقاومة العربية برمته.
أخيرا .. أنا أود التأكيد علي أنني ضد الديكتاتوريات أيما كانت ولست مؤيدا لهذا أو ذاك ، ولكن هناك تساؤلات قومية لابد أن تطرح لنصل إلى رؤية مقنعة سويا.
******
الأسبوع 20 سبتمبر 2011
ربيع الشرق الأوسط الكبير
قد تكون قراءتى تلك للأحداث الجارية فى عالمنا العربى صادمة للبعض، مقنعة للبعض، محيرة للكثيرين ولكن ماذا يملك الواحد منا غير أن يقرأ الأحداث ويناقشها مع الآخرين؟
قد يصيب وقد يخطئ ولكن لا هذا ولا ذاك يعنى سوى محاولة للفهم.. فقد يكون عالمنا العربى الآن متعرضاً لمؤامرة «سايكس بيكو» جديدة كتلك التى أعقبت الثورة العربية الكبرى فى بداية القرن الـ20 ولكن بغطاء جديد يستغل تطلعات شعوبنا المقهورة من قيد الاستبداد الذى قيدنا به الغرب نفسه على مدى قرون طويلة.
وكل ما أخشاه أن تكون ملامح الشرق الأوسط الكبير هى ما خدعنا به الغرب وحاول تسويقه إلينا بوصفه ثورات ضد الاستبداد لاسيما أن عالمنا العربى فى جله يوصف بأنه عالم مستبد بجدارة وحكامه مجرد مندوبين للشيطان.
وتقوم فكرة الشرق الأوسط الكبير بحسب تصورى لما طرحته الإدارة الأمريكية منذ سنوات على جعل عالمنا العربى مجرد فضاء خال؛ استهلاكى يدور فى فلك تل أبيب وأنقرة وطهران وهى عواصم الدول التى تقاسمت رغماً ورضاءً عالمنا العربى برعاية غربية وأمريكية بحتة.
ولما كان عالمنا العربى الذى تتسم نظم حكمه بالاستبداد منقسماً إلى كتلتين كبيرتين متضادتين إحداهما تسمى دول الموالاة وهى: «مصر والسعودية وقطر والبحرين وعمان والكويت والأردن وتونس والسلطة الفلسطينية وكتلة سعد الحريري فى لبنان» وهى كتلة الدول التى فقدت قدرتها على التحكم فى إرادتها وراحت تدار بالريموت كنترول من البيت الأبيض الأمريكى.
أما الكتلة الثانية فهى كتلة الدول المتبقية فى عالمنا العربى والتى تسمى دول الممانعة وهى الدول التى رفضت الانبطاح للإرادة الأمريكية ومازالت تحتفظ فى جعبتها ببقية من مقاومة وبعضًا من حياء فى حين تغيب العراق رائد تلك الكتلة قسرًا وصار فاقدًا للهوية والإرادة.
فان سياسة الولايات المتحدة ثابتة إزاء حكام دول التبعية لها فهى تصنع الحاكم المستبد وتصنع معارضته العميلة ثم بعد أن يستفحل فساد الحاكم الذى زرعته وتتأخر تنمية البلاد جراء موجات الكر والفر بين العميلين «الحاكم وجزء من معارضته» وتوشك البلاد على القيام بهبة شعبية لا تبقى ولا تذر تتدخل عناية البيت الأبيض لإزاحة هذا الحاكم المستهلك وتزرع بديلا جديداً له قد يحظى لحين من الوقت بحب الشعب إلى أن تفوح رائحة نتنة منه.
ويبدو أن الإمبريالية الأمريكية وكعادة أية إمبريالية مستحدثة ضحت برمزين من رموزها هما: مبارك وزين العابدين وذلك ليس من قبيل الخسارة ولكن من قبيل الحفاظ على المكسب على طريقة الطبيب الذى ضحى بالأم من أجل إنقاذ الجنين أو بالأصح الاحتفاظ بالبلد.
كما أن قيامها هى بمساندة المطلب الشعبى فى التغيير قد يحسن من صورتها القبيحة المناهضة لرغبات شعوبنا العربية من جانب ومن جانب آخر يبخر شحنة الغضب الفائرة فى الصدور فضلا عن أنها فى هذا وذاك تضمن ولاء الجنين الجديد.
ثم راحت الإمبريالية الأمريكية تستمرئ لعبة الخداع مستغلة حسن صنيعها فى مصر وتونس وتشعل الثورات فى دول الممانعة قاطبة تلك التى يتم ذبحها جميعا على مذبح المؤامرة التى تستخدم الإعلام لتصنع به ما لم تصنعه فيها قنابلها وبوارجها الحربية المتناثرة هنا وهناك مستفيدة فى ذلك بتجربتها التحريضية والتجسسية التى استخدمتها فى تركيع وتفكيك الاتحاد السوفيتى بكل ما له من هيبة وقوة.
أنا هنا لا أشك مطلقاً فى وطنية وعفوية ومشروعية الثورة المصرية أو التونسية ولكننى واثق تمام الثقة من أن ما كان يراد للثورة المصرية أن يكون مجرد فقط زوبعة فى فنجان تستمر يوما أو يومين يقوم على أثرها المخلوع بنقل سلطاته إلى نائبه وينتهى الأمر ويهلل الشعب للثورة ويروى الرواة أساطير ألف ليلة وليلة عنهما، إلا أن الشعب المغلوب على أمره والذى فاض به الكيل لم يبرح الميادين قط مصراً على محو كل مبارك وديكتاتورياته وما يذكره به وهو الموقف الذى مايزال يتخذه رغم كل محاولات التفتيت والتخوين والتخويف وأنا على ثقة بأن عناية الله أقوى من عناية البيت الأبيض ولابد للماسونية التى حكمت بلادنا نحو 40 عاماً أن تقتلع من جذورها لأن الأحرار لا يعرفون أرباع الثورات.
وبشكل عام تعالوا ننظر إلى جوارنا فالذين تزعموا الثورة فى ليبيا مثلا هم جميعا بعض من رجال القذافى وأمضى بعضهم نحو 40 عاماً فى خدمة نظام حكمه رغم أن ليبيا وشعبها لم يعان قط أزمة اقتصادية أو أزمة تحرر وطنى تعانيها دول عربية كثيرة كما هو الحال فى دول الخليج قاطبة ومصر والأردن وغيرها من دول «الموالاة».
وثمة تساؤل آخر يبدو منطقيا: لماذا لم تحدث الثورات العربية وتتخذ زخما وحراكاً واسعاً فى دول الموالاة رغم وجود أزمتي الاستبداد والتبعية الوطنية فيها فضلا عن الانتهاك المتواصل لحقوق الإنسان؟
هل ننكر أن هناك استبداداً فى الأردن وقطر والبحرين والسعودية والكويت لكنه لم يثر قط حفيظة لا منظمات حقوق الإنسان ولا المحكمة الجنائية الدولية ولا حكومات الغرب ولا الشرق ولم تعرها الفضائيات العربية ولا الغربية انتباهاً.
ورغم أن كثيراً من الإسلاميين وحتى الليبراليين المصريين يرون أن تركيا تلعب دوراً لصالح عالمنا العربى والشعب الفلسطيني خصوصاً فإن قراءة أخرى للمشهد قد تضعنا على طريق مغاير.
فتركيا هى الدولة التى توجد بها أكبر القواعد الأمريكية فى هذه المنطقة وهى المعبر ومركز الإمداد المتقدم للحلف الأطلسي فى كل عملياته العسكرية فى عالمنا العربى فضلاً عن أن هناك تعاوناً سرياً وثيقاً بين تل أبيب وأنقره استخبارياً بل عسكريا على عكس الصورة التى يراد تسويقها إعلامياً إلينا بوصف تركيا حزب العدالة والتنمية هى صاحبة أسطول الحرية وصاحبة الحسم مع إسرائيل فضلا عن أنها الدولة العائدة إلى عالمها الطبيعي وهو العالم العربى والإسلامي.
ولم يكن اقتراح رجب طيب أردوغان أثناء لقائه مع دكتور عصام شرف بوضع دستور على أساس علمانى بمجرد زلة لسان أو جراء سوء فهم ولكن هذا التوجه كان مقصوداً لخدمة الشرق الأوسط الكبير الذى يهدف إلى تجريد عالمنا العربى من كل مقومات وحدته ومنها الدين واللغة والثقافة.. ومما يؤيد هذا الموقف أن الحكومة الانتقالية فى ليبيا أعلنت عن أن فرنسا بدأت فى تجهيز مدارس فرنسية لإقامتها فى ليبيا فضلا عن حصولها على 35% من النفط الليبى.
فيما نزعت إيران العراق نزعا من عالمنا العربى وصارت تبسط سطوتها على كل دول الخليج العربى ليصير عالمنا العربى مجرد دمية يلعب بها الآخرون.
وحتى الكيان الميت للجامعة العربية بدا مزعجاً لهذا المخطط فراحت قطر تطالب بحلها مستغلة فى ذلك حالة الحنق الشعبى ضدها، مع أن هذا الحنق ناجم عن رغبة فى توسيع نشاطها وليس قتلها كما أراد حاكم الدوحة .. إنه الشرق الأوسط الكبير.
******
الاسبوع 24 اكتوبر 2011
ورحل أمين القومية العربية
من واجب المثقف أن ينبه الناس لا أن يجاريهم بغية تجنب انتقاداتهم، وذلك لأن تحمل انتقادهم اليوم ثم اكتشافهم لو بعد سنوات خطؤهم هو خير من مجاراتهم الآن ثم لا يتذكرونك ولو بعد سنوات إلا بالمذمة.
رأيت أن أكتب هذا المقال لأمين القومية العربية الأخ الشهيد معمر القذافى حتى لا يقال ماتت أمة خشى كتابها قولة حق فى حق واحد من أبرز صناع تاريخها، وحتى أذكر الساهى بتاريخ الشهيد الجديد من شهداء القومية العربية، وكيلا نلوم أنفسنا فى غد آت لا محالة نكتشف فيه أننا وقعنا نحن العرب- كعادتنا- فريسة للمؤامرة والخداع والتضليل.
فذاكرتنا العربية مثقوبة، يتسرب عادة منها العظات والتجارب، وتفكيرنا أيضًا- نحن العرب- يعانى أحادية النظرة وقصر المدى، حتى فى أسمى إخلاص المخلصين من بنى جلدتنا، وهذا هو مكمن الداء فينا.
فى الأمس سقط صدام حسين شهيدًا ومعه أبناؤه أثناء دفاعهم عن أرض العراق، واليوم سقط معمر القذاف وأبناؤه شهداء أثناء دفاعهم عن أرض ليبيا، هل هناك اختلاف؟
نفس المقاتل ونفس الضحايا ونفس المسروقات.. الناتو.. القومية العربية.. البترول.. إذن لا فرق بين الأمس واليوم اللهم إلا رتوش صغيرة فى الديكورات.. وكأن الغرب كتب علينا قدرًا بأن زعاماتنا القومية لا تموت إلا مقتولة منكلاً بجثامينها.. وبترولنا لا يؤخذ إلا عنوة.. ولا نفهم ما يحدث إلا بعد خراب مالطة.
ولو أردنا أن نعرف ماذا حدث فى ليبيا هذا العام يجب أن نطرح سؤالاً أكثر أهمية: لماذا القذافى؟ فضلا عن سؤال محورى يدور حول لماذا الآن؟ فى الحقيقة إن الولايات المتحدة الأمريكية ومن تبعها كفرنسا وبريطانيا حتى إيطاليا يعانون أزمة اقتصادية خانقة وهم فى أمس الحاجة إلى منقذ يحمى خزائنها من الإفلاس خاصة بعدما نضبت اقتصاديات دول الخليج العربى وصار نفطها بمثابة احتياطى استراتيجى خالص لأمريكا فى ظل أزمة طاقة مرعبة تعيشها، ما يعنى حاجة الغرب الأوربى إلى فتح أراضٍ جديدة وأسواق نفطية دائمة يمكنه الاعتماد عليها فضلاً عن الاستيلاء على الأموال الليبية فى بنوكها.
ولما كان الأمر كذلك خططت يد العدوان الغربية من أجل السيطرة على مقدرات عدة دول عربية تسمى إعلاميًا وسياسيًا بدول الممانعة وهى الدول التى رفضت من قبل الوصاية الأمريكية على قرارها السياسى، مبتكرة فى ذلك أسلوبًا سحريًا وفعالاً يستغل التناقضات الفكرية بين الحاكم والمحكوم لتجعل من المحكوم وقودًا للإطاحة بالحاكم دون أن تكبد نفسها الخسائر المادية والبشرية من خلال تدخلها العسكرى المباشر مثلما ارتكبت هذا الخطأ الأحمق فى العراق من قبل.
ولإضفاء مشروعية دولية بل شعبية على هذه المخططات، راحت تزيد فى الخداع وضحت برمزين من رموزها فى مصر وتونس وهى قاصدة فقط استبدال الرأس والإبقاء على الجسد أو النظام الذى هو صنيعها.
ما سبق يأتى مع أسباب أخرى فى إطار الإجابة عن تساؤل: لماذا الآن؟ أما لماذا القذافى؟ فهذا ما يجب أن نوفيه حقه، خاصة أننا نكتب ذلك إعلاء للحق والحقيقة ولأن من نكتب عنه ومعظم رجاله فى مقام صدق عند عزيز مقتدر.
لقد كانت ثورة الفاتح من سبتمبر 1969 واحدة من أعظم ثورات تاريخنا العربى بشكل عام خاصة لكون تلك الثورة- والتاريخ يؤخذ بسياق أحداثه الدولية والسياسية والعسكرية- خلصت ليبيا بل الأمة العربية الآخذة فى النهضة القومية برعاية عبدالناصر من أخطر مواطن الضعف فيها نظرًا لأن ليبيا فى تلك الأثناء كانت موطناً لقواعد عسكرية أجنبية عملاقة يقطن حولها شعب بدوى أقيم عليه ملك وهمى،فى حين أن الأرض الليبية مقسمة إلى ثلاث مناطق نفوذ دولية يقتبس العلم الملكى ألوانه الثلاثة من أعلام تلك الدول وهى أمريكا وبريطانيا وإيطاليا فضلا عن فرنسا وكنائسها العسكرية!!
وبعد ثورة الفاتح، تحولت ليبيا من فضاء لا تأتى لمصر منه سوى الطائرات الغربية المحملة بتقنية الموت والدمار كما حدث فى العدوان الثلاثى 1956 وفى 1967 إلى يد تقدم الدعم والعون المادى والعسكرى والدبلوماسى ليس لمصر فحسب بل لسوريا وفلسطين، الأمر الذى انتهى بقيام الإمبريالية الغربية الأمريكية بقصف منزل الزعيم الليبى فى طرابلس عام 1986 بنحو مائة وسبعين طائرة.
ولما كان العرب قد انشغلوا كثيرًا بالصراع مع إسرائيل وأهملوا فى سبيل ذلك الفضاء أو الفناء الخلفى الإفريقى مما تركه نهبًا لعبث الصهيونية راح القذافى يقاتل فى تلك الميادين البعيدة محققًا انتصارات رائعة داعيًا إلى إنشاء الأمم المتحدة الإفريقية وداعماً القوى الثورية الإفريقية، الأمر الذى انتهى إلى أن صار للعرب موطئ قدم كبير فى قلب بلدان الصحراء الكبرى الإفريقية وما يقع جنوبها وساعد القذافى على ترسيخ التواجد العربى فعمل على نشر الإسلام عبر دعم مراكز جمعية الدعوة الإسلامية، الأمر الذى أسهم فى تحول دول بأكملها من الوثنية إلى الإسلام وفى 2 مارس 1977 أعلن العقيد الليبى عن قيام سلطة الشعب وهو نظام الحكم الذى يمنح الأقاليم والقبائل السلطة المطلقة فى أن يحكموا أنفسهم بأنفسهم عبر ما يسمى باللجان الشعبية التى تتجمع إرادتها المركزية فى مؤتمر الشعب العام متخذة من القرآن الكريم دستورًا ولا دستور سواه كما لا سلطة للقذافى على تلك اللجان والمؤتمرات وهو النظام الذى كان قد بشر به المفكرون الغربيون أمثال سارتر وبرتراندراسل و جاسبرز.ووقف القذافى موقفًا صلبًا من القضيتين الفلسطينية والعراقية حيث كان يقدم الدعم المادى والعسكرى للمقاومين، فضلا عن نشاط دبلوماسى مخلص قامت به الخارجية الليبية فى هذا الصدد وله فى ذلك صولات وجولات فى الجامعة العربية سواء أو الأمم المتحدة.
ولما كان القذافى هو الداعم الوحيد للمقاومة العراقية التى تنكر لها الجميع بالمال والسلاح ثارت حفيظة الإمبريالية الأمريكية المحتقنة أصلا ضده، وكان لابد من الإطاحة به.وفى مجال التنمية الوطنية أقام القذافى أول نهر صناعى مغطى فى التاريخ حول الصحراء الجدباء إلى حدائق خضراء، مستقدما العمالة العربية وخاصة المصرية والسودانية والتونسية، الأمر الذى تطرق له قوى الإمبريالية بعين التوجس والقلق وراحت تحرض بشدة ضد إكمال هذا المشروع وكان لموقف نظام مبارك الموالى لأمريكا وإسرائيل سجال كبير بخصوصه مع الشقيقة ليبيا.
منجزات خطيرة تلك التى صنعها القذافى فى بلاده، محولاً مجتمع البادية إلى مدن صناعية وسكانية متحضرة، مهتمًا بشكل أساسى بصناعة الإنسان الذى وفر له مستوى معيشيًا مرتفعًا موزعا عائد النفط على عموم السكان فى بادرة هى الأولى عالميًا، والحكايات والدلائل فى هذا الصدد لا تنقطع.
واختصارًا.. فإذا أردنا أن نعرف ماذا حدث فى ليبيا علينا أولاً الحذر من الإعلام المأجور الذى قلب الحقائق حيث ارتكبت الجرائم وسارع هذا الإعلام بخلع رداء المهنية وقام بتوجيه أدلة الاتهام دون تروٍّ إلى النظام الحاكم، وفى أحيان كثيرة قامت الفضائيات لا سيما الجزيرة بصناعة الأكذوبة والترويج لها دون أن تأخذ رأى الطرف الآخر، فسوقت المتهم بكونه ضحية والضحية اعتبرته متهما.
لى أصدقاء كثيرون فى كل المدن الليبية ومنها بنغازى ومصراتة حكوا لى كيف بدأت الفتنة.. وهى أن قرابة الخمسين شخصًا ارتدوا سترات الجيش الليبى وقاموا بإطلاق الرصاص الحى على المارة فى شوارع بنغازى وسارعوا بخلع ستراتهم وبدأوا الهجوم على ثكنات الجيش.. وهنا لم يفهم الطرفان ماذا يحدث، فاشتبكت قوات الجيش مع المحتجين من أهالى بنغازى وكان ذلك بمثابة إشعال فتيل الأزمة.. وحتى ما كان يردده الإعلام الليبى حول «حبوب الهلوسة» كانت تحالفه الصحة حيث حقنت زجاجات المياه المعدنية بمواد مخدرة وتم توزيعها من قبل مجهولين على المحتجين على أحداث ميادين بنغازى.
التفاصيل كثيرة فى المؤامرة الإعلامية على ليبيا، ولا يحسن بنا فى هذا الصدد ذكرها، ولكن المؤامرة السياسية والعسكرية وحتى الدبلوماسية كانت كبيرة، فبعد تدمير وسائل الإعلام الليبية وإخراس صوت الطرف الثانى تم تدمير القطاع الدبلوماسى بالكامل عبر شراء ذمم معظم السفراء فى الخارج ورجال الحكم الذين خدموا مع القذافى طيلة أربعين عاماً!! وفى ظروف غامضة مررها الجميع مرور الكرام تمت الاستعانة بالأمم المتحدة ثم مجلس الأمن الذى وجد نفسه قاب قوسين من تحقيق غايته فتدخل الناتو وبدلاً من حماية المدنيين وجدناه هو من يقتل المدنيين ويدمر ليبيا بالكامل.
إن أكبر المتضررين من سقوط نظام القذافى ليس الشعب الليبى والمقاومة العراقية فحسب بل تضررت كل الدول العربية حينما قطعت يدها فى إفريقيا، وتضررت أيضًا الصين الحليف للتواجد العربى فى إفريقيا مقابل أمريكا وإسرائيل التى وضعت يدها على منابع النيل.
تضررت مصر بشكل شديد وصارت حدودها مع جارتها الغربية مشاعًا لكل العصابات الإجرامية المنظمة التى راحت تغزو مصر بأفتك أنواع الأسلحة ومنها المدافع ومضادات الطائرات باعتراف جهات رسمية.
نعم.. كل ما يحدث فى ليبيا وحتى سوريا مجرد مؤامرة يعمل الإعلام فيها عمل السحر مستغلاً حمق بعض التيارات الفكرية أحادية النظر التى سخرت رجالها لتغذية المؤامرة دون وعى مع أنها هى من ستكون وقود المحرقة الجديدة لأن من حفر حفرة لأخيه وقع فيها، وإن غداً لناظره قريب.
رحم الله معمر القذافى.. لقد كان لسان صدق فى كل المحافل الدولية.. رحم الله شهداء القومية العربية الذين لم يتخاذلوا قط مهما كانت الضربات ضدهم موجعة وذلك لأنه على قدر أهل العزم تأتى العزائم.